المأثور في تلك الأزمنة أنه لا يتحقق شئ بغير العون من الله وملك بوهيميا. فالتمست برسكيا التي حاصرتها فيرونا، أن يمد لها يد المعاونة، فوعد بالقدوم إليها، وما كادت الأخبار تشيع بوعده هذا حتى رفع الفيرونيون الحصار واعترفت به مختارة برسكيا وبرجامو وكريمونا وبارما ومودينا بل وميلان أيضاً، سيداً إقطاعياً عليها في مقابل أن يبسط حمايته عليها جميعاً، وقد استطاع هذا الملك بسحر اسمه أن يحصل على معظم ما عجز عن تحقيقه بقوة السلاح فردريك الأول ذو اللحية الحمراء، وفردريك الثاني أعجوبة الزمان وأضافت حروبه الجريئة مساحة من الأرض إلى بوهيميا ولكنها أفقدته عواطف رعاياه، اللذين لم يستطيعوا أن يغتفروا له غيابه الدائم عن بلادهم، التي أهمل إدارتها، وحز في نفوسهم أنه لم يفكر قط حتى في أن يتعلم لغتهم. وفي عام ١٣٣٦ لازمه مرض عضال كف بصره وهو يخوض معركة صليبية في ليتوانيا. ومع ذلك فإنه عندما علم أن إدوارد الثالث ملك انجلترا زل إلى البر في نورمانديا متجها صوب باريس ركب مع ابنه شارلز في خمسمائة فارس بوهيمي، وعبروا أوربا ليكونوا مددا لملك فرنسا. وحارب الأب والإبن في الطليعة عند كريس. حتى إذا انسحب الفرنسيون، ناشد الملك الكفيف اثنين من فرسانه، أن يربطا جواديهما إلى جانبي جواده وأن يقوداه لمحاربة الإنجليز المنتصرين، قائلا:((هذه مشيئة الله، ولن يقال إن ملكا على بوهيميا قد فر من حومة الوغى)) وقتل من حوله خمسون - من فرسانه، وأثخن بجرح مميت، ثم نقل وهو يحتضر إلى خيمة الملك الإنجليزي .. فأرسل إدوارد الجثة إلى شارلز ومعها رسالة مهذبة يقول فيها:((لقد سقط اليوم تاج الفروسية)).
وكان شارلز الرابع ملكاً أقل بطولة وأرشد عقلا. فآثر المفاوضة على الحرب، ولم يكن من الجبن بحيث يقبل الهوان، ومع ذلك فقد وسع من حدود مملكته، وجعل الصقالبة والألمان إبان السنوات الاثنين والثلاثين من