أبو الحسن إلى مالقة وسار جيش أسباني لمحاصرة المدينة، وأبيد كله تقريباً في ممرات سلسلة جبال أجاركيه، على يد فرق لا تزال موالية للأمير المخلوع، وثارت غيرة أبي عبد الله على انتصارات أبيه العسكرية فسار على رأس جيش من غرناطة لمهاجمة قوة مسيحية بالقرب من الأشانة وحارب بشجاعة، ولكنه هزم وأخذ أسيراً. واشترى خلاصة بأن وعد بمساعدة المسيحيين ضد أبيه. وبأن يدفع للحكومة الأسبانية أثنى عشر ألف دوكات كل سنة. وفي الوقت نفسه نصب عمه أبو عبد الله المشهور بلقب عز زغرل "أي الشجاع" نفسه أميراً على غرناطة، ونشبت حرب أهلية ثلاثية بين الأب ولابن والعم على العرش الغرناطي، ومات الأب واستولى لابن على الحمراء، وانسحب العم إلى وادي آش Guadix حيث حاول مراراً أن يهاجم الأسبان كلما وجدهم عبد الله أن يقلد عمه فامتنع عن الوفاء بوعده ودفع الجزية وأعد عاصمته لمقاومة الهجوم الذي لا مفر منه.
فوزع فرديناند وإيزابلا ثلاثين ألف رجل على الحقول التي تمد غرناطة بالغذاء ليكتسحوها. فأتلفت الطواحين ومخازن الغلال ودور الفلاحين والكروم وغياض الزيتون والبرتقال، وحوصرت مالقة ليمنعوها من تلقي المؤن إلى غرناطة أو إرسالها وصمدت مالقة للحصار حتى أكل سكانها كل ما تقع عليه أيديهم من الخيل والكلاب والقطط، وكانوا يموتون بالمئات من الجوع أو المرض. وأرغمها فرديناند على أن تسلم بلا قيد ولا شرط، واستعبد الأثني عشر ألف الذين بقوا من سكانها، ولكنه سمح للأغنياء منهم بأن يفتدوا أنفسهم بتسليم كل ما يملكونه. واستسلم عز زغرل وأصبح إقليم غرناطة بأسره خارج العاصمة في أيدي المسيحيين.
وشيد الملكان الكاثوليكان، فسطاطاً كاملاً لجندهم، حول القلعة المحاصرة وأطلقوا عليها اسم سانتافيه، وانتظروا أن يموت أهلها جوعاً،