للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤٨٠ و ١٤٨٨ ثمانية آلاف وثمانمائة أحرقوا، وستة وتسعين ألفا وأربعمائة وتسعين عوقبوا، وبين عامي ١٤٨٠ - ١٥٠٨ بواحد وثلاثين ألفا وتسعمائة وأثنى عشر أحرقوا ومائتين وواحد وتسعين ألفا وأربعمائة وأربعة وتسعين حكم عليهم بعقوبات صارمة، وكانت هذه الأرقام في معظمها تخمينية. ويرفضها اليوم بصفة عامة المؤرخون البروتستنت ويعدونها تطرفا في المبالغة، يذهب مؤرخ كاثوليكي إلى أنه قد أحرق ألفان بين عامي ١٤٨٠و١٥٠٤، وألفان آخران حتى سنة ١٧٥٨. وأحصى كاتب سر إيزابلا واسمه هرناندو ده بولجر عدد الذين أحرقوا، بألفين قبل عام ١٤٩٠ وفاخر ذوريتا أمين محكمة التفتيش بأنها أحرقت أربعة آلاف في إشبيلية وحدها هناك ضحايا في معظم المدن الأسبانية، بل في الإمارات التابعة لأسبانيا مثل البليار وسردينيا وصقلية والأراضي الواطئة وأمريكا.

ونقص معدل الإحراق بعد عام ١٥٠٠. ولا تصور الإحصائيات أياً كانت الفزع الذي عاش فيه العقل الأسباني في تلك الأيام والليالي. فقد كان على الرجال والنساء حتى في ستر منازلهم، أن يرقبوا كل كلمة يتلفضونها بها حتى لا يؤدى بهم نقد عارض إلى سجن محكمة التفتيش. لقد كان ضغطا عقليا لا نظير له في التاريخ.

هل نجحت محكمة التفتيش؟ نعم، نجحت في تحقيق غرضها الذي أعلن عنه، وهو تخليص أسبانيا من الهرطقة الصريحة. فإن الفكرة القائلة بأن اضطهاد المعتقدات لا تأثير له أبداً، ضلال، فقد سحق الألبيجينزيين والهيجونوت في فرنسا، والكاثوليك في إنجلترا في عهد إليزابث والمسيحيين في اليابان- وانتزعت، في القرن السادس عشر، الجماعات الصغيرة التي عطفت على البروتستانتية في أسبانيا. ولعلها قوت من ناحية أخرى البروتستانتية في ألمانيا وإسكنديناوه وإنجلترا بإثارة خوف قتال في نفوس شعوبها، مما قد يحيق بهم، إذا أعيدت الكاثوليكية.