ينسون يهودية أسلافهم. ولم تكن هناك نية للسماح لليهود المعمدين أن يرحلوا عن إسبانيا، فلما حاولوا الهجرة حرمها عليهم فرديناند ومحكمة التفتيش ولكن مذا كان مصير اليهود غير المعمدين؟ لقد ظل حوالي مائتين وخمسة وثلاثين ألفاً منهم في إسبانيا المسيحية. فكيف السبيل إلى تحقيق الوحدة الدينية للدولة، إذا سمح لهؤلاء أن يمارسوا شعائر عقيدتهم وأن يصرحوا بها؟ ورأى توركيمادا استحالة ذلك، وأوصى بإكراههم على التنصر أو نفيهم.
فتردد فرديناند. ذلك أنه كان يعرف القيمة الاقتصادية لقدرة العبرانيين في التجارة والمالية. ولكنه أخبر أن اليهود عنفوا المتنصرين منهم، وحاولوا أن يعيدوهم إلى اليهودية، بشرط واحد هو أن يكون ذلك سراً. واتهم طبيبه رباس ألتس، وهو يهودي معمد، بأنه علق في رقبته كرة ذهبية تحتوي على صورة له على هيئة فيها تنجيس الصليب، ويبدو أن التهمة غير صحيحة ولكن هذا الطبيب أحرق (١٤٨٨). وزيفت رسائل نصح فيها زعيم يهودي في القسطنطينية، رئيس الجماعة اليهودية في أسبانيا بأن يسرق ويدس السم للمسيحيين كلما استطاع إلى ذلك سبيلا. وقبض على متنصر بتهمة وجود رقاقة مقدسة في جعبته، وعذب مراراً فتكراراً حتى وقع على عبارة مفادها أن ستة من المتنصرين ومثلهم من اليهود قتلوا طفلا مسيحياً، ليستعملوا قلبه في شعيرة سحرية، دبرت لتؤدى إلى هلاك جميع المسيحيين والقضاء الكامل على المسيحية. وكانت اعترافات الرجل المعذب يناقض أحدهما الآخر ولم يبلغ عن فقد طفل من الأطفال، ومع ذلك أحرق أربعة من اليهود، بعد أن انتزع لحم اثنين منهم بوساطة كلابة متوهجة وربما أثرت هذه الاتهامات وأمثالها في نفس فرديناند، ومهما يكن من شئ فقد مهدت لرأى عام يطلب إجلاء اليهود غير المعمدين عن أسبانيا. ولم تعد المساهمة الاقتصادية لليهود حيوية بعد أن استسلمت غرناطة (٥ نوفمبر ١٤٩١)