ولم تدرس النجوم من أجل هداية السفن أو تحديد المواسم الدينية فحسب وإنما درست من أجل التنبؤ بما يقع على الأرض من أحداث وما يخبأ للأشخاص من مصير. ويبدو أن التأثير النافذ للمناخ والفصول وعلاقة المد والجزر بالقمر والتوقيت القمري للطمث عند المرأة واعتماد الزراعة على أحوال السماء وكيفياتها، إنما تبرر مزاعم التنجيم بأن سماء اليوم تكشف عن أحداث الغد. وكانت أمثال هذه التنبؤات تنشر بانتظام (كما هو الحال الآن) وتبلغ جمهوراً كبيراً متعطشاً لها. ولم يكن الأمراء يجسرون على القيام بحملة أو واقعة أو رحلة أو تشييد بناء إلا إذا حصلوا على تأكيد من المنجمين بأن النجوم في أوضاع ملائمة لهذه الأغراض. ولقد حرص هنري الخامس ملك إنجلترا على الاحتفاظ بإسطرلاب ليرسم خريطة السماء، ولما جاء زوجته المخاض قرأ بنفسه طالع الطفل وكان بلاط متياس كورفينوس الذي يضم صفوة المثقفين يرحب بالمنجمين ترحيبه بعلماء الإنسانيات.
واعتقد الناس أن الملائكة تهدي النجوم، وأن الهواء يزخر بالأرواح الخفية، بعضها من الجنة وبعضها من الجحيم. وسكنت العفاريت كل مكان وبخاصة مخدع الإنسان، وينسب إليها بعض الرجال ما يسلب منهم بالليل كما نسب إليها بعض النساء ما يصيبهن في غير أوانه، وأجمع علماء الدين على أن أمثال تلك الخطيات الخبيثات لهن وجود حقيقي ويستطيع كل امئ ساذج في كل منعطف وكل لحظة أن يخرج من عالم الحس إلى مملكة من الكائنات والقوى المسحورة. ولكل شئ طبيعي صفات خارقة. وكانت كتب السحر من أروج الكتب في ذلك العصر. ولقد عُذب أسقف كاهورز وجلد وألقى به في المحرقة (١٣١٧) بعد أن اعترف بأنه أحرق تمثالاً من الشمع للبابا يوحنا الثاني والعشرين آملاً أن يلقى الأصل، مصير الشمع، كما وعد بذلك فن السحر. واعتقد الناس أن فطير القربان بتقديس القسيس ينزف دم المسيح إذا خدش.