للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بين الهنود؛ وكان الفقر الذي وصفه "الأب دِبْوَا" (١٨٢٠ م) (٣٦) نتيجة الخمسين عاماً من الفوضى السياسية، ولو أن حالة الشعب في ظل المغول كانت مزدهرة نسبياً (٣٧)، فلئن كانت الأجور متواضعة تتراوح بين ما يساوي ثلاث سنتات (السنت عملة أمريكية تساوي مليمين) وتسعاً كل يوم في عهد "أكبر" إلا أن الأثمان كانت بخسة بما يقابل تلك الأجور القليلة؛ ففي سنة ١٦٠٠ م كانت الروبية (وهي تساوي في المتوسط ٥ ر ٣٢ سنت) تشتري ١٩٤ رطلاً من القمح أو ٢٨٧ رطلاً من الشعير؛ وأما في سنة ١٩٠١ م فلم تكن الروبية تشتري إلا ٢٩ رطلاً من القمح أو ٤٤ رطلاً من الشعير (٣٨)؛ ولقد وصف الحالة إنجليزي سكن الهند في سنة ١٦١٦ م فوصف "وفرة المواد كلها "بأنها" وفرة عظيمة جداً في طول البلاد وعرضها".

ثم أضاف إلى ذلك قوله: "إن كان إنسان هناك في مستطاعه أن يجد زاده من الخبز في وفرة لا تعرف قحطاً" (٣٩). وقال إنجليزي آخر طاف بالهند في القرن السابع عشر: "إن نفقاته كانت تبلغ في المتوسط أربع سنتات كل يوم" (٤٠).

بلغت ثروة البلاد ذروتها في عهد "تشاندرا جوبتا موريا" و "شاه جهان" فقد ضربت الأمثال في أرجاء العالم كله بثروة الهند في ظل ملوك "جوبتا"؛ وصور "يوان شوانج" مدينة هندية بقوله إنها جميلة تزينها الحدائق وأحواض الماء، ومعاهد الآداب والفنون، "وسكانها من ذوي اليسار وبينهم أسر على ثراء عظيم؛ وتكثر بالمدينة الفاكهة والأزهار … وللناس مظهر رقيق يلبسون أردية الحرير اللامعة؛ وحديثهم … واضح يوحي بالمعاني، وهم منقسمون نصفين متعادلين، نصف يتبع الأرثوذكسية في الدين، ونصف آخر يمقت هذه الرجعية الدينية" (٤١)، ويقول "إلْفِنْستون": "إن الممالك الهندية التي ثل المسلمون عروشها كانت من الثراء بحيث كَلَّ المؤرخون عن ذكر ما غنمه الغزاة هناك من جواهر هائلة المقدار ونقود كثيرة" (٤٢)، ووصف "نِكُولو كونتي" ضفاف الكنج (حوالي سنة ١٤٢٠ م) فقال إنها تمتلئ بصف من