يتحاشى العلامة تكرار الحيرة، وطلب من أصدقائه الإنجليز ذوي النفوذ أن يكفلوا له من ليو العاشر إعفاءه من التزاماته كراهب.
وبينما كانت تجرى هذه المفاوضات اتخذ أرازموس طريقه أعلا الراين إلى بازيل وعرض على الناشر فروين مخطوط أهم مؤلف له، وهو مراجعة نقدية للنص اليوناني للعهد الجديد مرفقا بترجمة لاتينية وتفسير.
كان عملا أملاه الحب والاعتزاز بالنفس يتعرض مؤلفه وناشره للخطر على السواء: فقد استغرق الإعداد سنوات وسوف يكون الطبع والنشر من الأعمال الشاقة الكثيرة النفقات. والزعم بتفوق الترجمة، على نسخة جيروم اللاتينية، التي ظلت مقدسة مدة طويلة باعتبارها نسخة لاتينية للكتاب المقدس، قد تدينه الكنيسة، ومن المحتمل ألا تغطى المبيعات النفقات. وخفف أرازموس المخاطرة بإهداء العمل إلى ليو العاشر. وأخيراً نشر فروين في فبراير سنة ١٥١٦ "الأداة الجديدة الكاملة التي حققها ونقحها بمنتهى الدقة أرازموس الروتردامي Instrumentum omme, diligenenter ab Erasmo Rat, recognitum et emendatum. وصدرت بعدها طبعة تغيرت فيها كلمة الأداة بالوصية Instrumentum to Testamentum وقدم أرازموس في أعمدة متقابلة النص اليوناني كما راجعه بنفسه مع ترجمته اللاتينية ويبدو أن معرفته باللغة اليونانية كانت غير كاملة ومن ثم فهو يشترك مع جماعي الحروف في المسئولية عن أخطاء كثيرة. ومن وجهة النظر العلمية كانت الطبعة الأولى من العهد الجديد باليونانية المعدة للنشر بعد الطبع أقل من مثيلها التي أتمها وطبعها جماعة من العلماء لحساب الكاردينال أكسيمينيس عام ١٥١٤ وإن كانت لم تقدم للجمهور إلا عام ١٥٢٢. وقد دل هذان العملان على تطبيق التعليم الإنساني لأدب- المسيحية الأولى وعلى بداية هذا النقد الإنجيلي الذي استعاد الكتاب المقدس في القرن التاسع عشر إلى مجال التأليف الإنساني وما يتعرض له من زلل.