الناس وجداولها العظيمة … كما أنه ليس ثمة مدينة في العالم تبز أوجسبورج في الثروة. وفي فينا قصور وكنائس تحسدها حتى إيطاليا".
ولم تكن أوجسبورج مركزا للمال في ألمانيا فحسب بل كانت أيضاً الحلقة التجارية الرئيسية التي تربط بنيها وبين إيطاليا المزدهرة آنذاك. وتجار أوجسبورج هم الذين كان لهم الفضل في بناء وإدارة الفوندا كوتيديسكو في البندقية التي زين جدرانها جيورجيوني وتيتيان بصورهما الجصية، وكانت أوجسبورج وثيقة الاتصال بإيطاليا حتى أنها رددت صدى النهضة الإيطالية، وآزر تجارها الأدباء والفنانين وأصبح بعض الرأسماليين بها مثالاً يحتذى في السلوك والثقافة إن لم يكن في الأخلاق. ومن ثم نجد أن كونراد بوليتنجر، وهو مأمور أو عمدة في سنة ١٤٩٣، كان دبلوماسياً وتاجرا وأدبياً وفقيهاً وعالماً باللغتين اللاتينية واليونانية وأثرياً ورجل أعمال.
وكانت نورمبرج مركزا للفنون والحرف اليدوية أكثر منها للصناعة أو المال على نطاق واسع، وكانت طرقاتها لا تزال ملتوية حسب ما كان متبعا في القرون الوسطى تظللها طبقات بارزة أو شرفات، وأسقفها المغطاة بالقرميد الأحمر وجملوناتها العالية القمة ومشربياتها تكون صورة غير متناسقة في مهادها الريفي وجدول بجنيتز الضخم. ولم يكن الناس بها في بحبوحة من العيش كما هم في أوجسبورج ولكنهم مبتهجون دمثو الخلق ويحبون اللهو والتبذل في مهرجانات مثل الكرنفال الذي يشتركون فيه كل عام ويرتدون فيه الأقنعة وأزياء التنكر ويرقصون. وهناك أخذ هانز ساكس وكبار المغنيين ينشدون ألحانهم المرحة، وارتقى البرخت ديرر بالتصوير والحفر الألمانيين إلى ذروتهما، وهناك قام صاغة الذهب والفضة شمال الألب بصنع زهريات غالية الثمن وأوعية للكنيسة وتماثيل صغيرة، وهناك قام العاملون بالأشغال المدنية بتشكيل ألف تكوين للنبات والحيوان