المسيح لا عن زهو يتسم بالزندقة ولكن لأن له رأياً ردده كثيراً كأمر مسلم به وهو أن أي فنان عظيم هو الناطق بلسان الله وبوحي منه تعالى. وكان الغرور هو الدعامة التي يستند إليها في عمله، إذ أنه لم يضاعف من عدد صوره الشخصية فحسب، ولكنه أفسح لنفسه أيضاً مكاناً في كثير من لوحاته. وكان في بعض الأوقات يتمسك بأهداب التواضع ويدرك في أسى أن قدراته محدودة، وقال لبيركهايمر "عندما يثني علينا فإننا نشمخ بأنوفنا ونصدق كل ما قيل عنا ولكن من يدري؟ لعل أستاذا ساخرا يضحك علينا من وراء ظهورنا". أما بالنسبة لغير هذا فقد كان سليم الطوية ورعاً مخلصاً كريماً سعيداً بقدر ما تسمح الظروف.
ولم يستطيع أن يعيش مسلوب اللب مع زوجته؛ فقد انطلق إلى إيطاليا بعد زواجه بوقت قصير وخلفها وراءه. وكان قد سمع عما يطلق عليه "النمو الجديد" للفنون في إيطاليا بعد أن ظلت دفينة ألف عام. وعلى الرغم من أنه لم يسهم مطلقاً في هذا البعث للأدب الكلاسي والفلسفة والفن التي واكبت عصر النهضة فإنه كان تواقاً لأن يرى من المصدر الأصلي مباشرة ما الذي حبا الإيطاليين بهذا التفوق في الرسم والنحت والنثر والشعر. وأقام بصفة أساسية في البندقية ولم تكن النهضة قد بلغت فيها أوج الازدهار ولكنه عندما عاد إلى نورمبرج (١٤٩٥) كان قد تلقى بوسيلة ما الحافز الذي أطلق شرارة طاقة الإنتاج السريعة في خلال السنوات العشر التالية. وفي عام ١٥٠٧ ذهب إلى إيطاليا مرة أخرى بعد أن اقترض مبلغ مائة فلورين (٢٥٠٠ دولار؟) من بيركهايمر وأقام فيها هذه المرة عاماً ونصف عام.
ودرس أعمال ماتنيا وسكوارسيوني في بادو ونسخ في تواضع بعض الرسوم وسرعان ما اعترف به بليني وفنانون آخرون من البندقية رساما بارعا ونالت لوحة "عين أكاليل الورد"، التي رسمها لكنيسة ألمانية، الاستحسان حتى من الإيطاليين، وكانوا لا يزالون يعدون معظم الألمان