بتاج الشهيد. اجعل صوتك مسموعاً يا أرازموس، فعسى الله الذي يحكم على أعمالك أن يظهر تمجيده فيك":
وعندما عاد ديرر إلى نورمبرج وقف حياته كلها تقريبا على الفن الذي يتسم بالطابع الديني، مع الاهتمام الفائق بالأناجيل من جديد. وأتم عام ١٥٢٦ أعظم مجموعة من لوحاته - الرسل الأربعة - وهي تسمية غير صحيحة لأن مرقس المبشر الإنجيلي لم يكن واحدا من الحواريين الأثنى عشر، ولكن لعل هذا الخطأ يشير إلى البروتستانت في العودة من الكنيسة إلى الأناجيل. واللوحتان من بين الممتلكات التي يعتز بها "بيت الفن" والذي جمعت فيه ميونخ، التي أضرت بها الحرب، مجموعتها الفنية الشهيرة. وإحدى اللوحتين تصور يوحنا وبطرس، والأخرى تصور مرقس وبولس، والأربعة كلهم يرتدون ثياباً زاهية اللون، لا تكاد تتفق مع قديسين من عامة الصيادين، وفي هذه الملابس عكف ديرر على تصوير المثال الإيطالي بينما أكد تأثير بيئته الألمانية في الرؤس العريضة الضخمة. ولعل هذه الصور قصد بها أن تكون أجنحة لمذبح ثلاثي الطيات في كنيسة كاثوليكي. ولكن مجلس نورمبرج أعلن عام ١٥٢٥ تأييده للإصلاح الديني. فتخلى ديرر عن فكرة عمل صورة مذبح، وقدم اللوحات إلى المدينة، وألحق بكل لوحة نقوشا تؤكد بإصرار أهمية الأناجيل؛ وعلى الرغم من وجود المفاتيح في يد بطرس - وهي تعد عادة أداة تمثل الكنيسة الرسمية المقدسة وسلطات الكنيسة - فإن من الممكن تفسير هذه اللوحات بأنها عهد ديرر البروتستانتي.
ولم يبق من عمره آنذاك إلا عامان وكان يعاني من نوبات متعاقبة من حمى الملاريا حطمت وروحه معا. ولقد رسم في عام ١٥٢٢ آخر صورة له باسم رجل الأحزان، وتصوره عاريا أشعث الشعر شاحب الوجه، عليلا يقاسي من الألم، ويمسك في يديه سوط تعذيب المسيح، وظل مع ذلك