كريم إلى فيينا حيث رحب به علماء الإنسانيات، ولكنه اختلف معهم وانتقل إلى إيطاليا. ودرس في بافيا وبولونيا، وصوب قذائف من القصائد الساخرة ضد البابا جوليوس الثاني، وانضم إلى جيش ألماني من الغزاة لكي يحصل على الطعام، ثم قفل أدراجه عائدا إلى ألمانيا وهو في أقصى حالات الإعياء.
وابتسم له الحظ إلى حين في ماينز: فقد كتب قصيدة مدح في كبير الأساقفة الشاب ألبرخت فتلقى منه ٢٠٠ جيلدر (٥. ٠٠٠ دولار؟) اعترافاً بالجميل. وكان بلاط ألبرخت وقتذاك يعج بعلماء الإنسانيات، وكان الكثيرون منهم من المفكرين الأحرار الذين لا يتمتعون بالاحترام. وبدأ هوتن هناك يكتب مقالته في كتاب "رسالة من رجال مغمورين"، والتقى هناك أيضاً بأرازموس، وخلب العالم الكبير لبه بسعة اطلاعه وذكائه وسحره. وبدأ مرة أخرى ينشد شمس إيطاليا مستعيناً بالمال الذي حصل عليه من ألبرخت والمعونة التي تلقاها من والده الذي رق لحاله، وكان في كل محطة يتوقف فيها ينسف طائفة علماء اللاهوت والرهبان المنافقين الفاسدين. "وأرسل من عاصمة البابوية إنذار إلى كروتوس روبيانوس هذا نصه: أرجو أن تتخلى يا صديقي عن رغبتك في مشاهدة روما، فإن ما تنشده هناك لم يعد موجودا … قد تعيش من السلب والنهب، وقد ترتكب جريمة قتل أو تنتهك حرمة المعابد … وقد تعربد وتستسلم للشهوات وتنكر وجود الله في السماء، ولكن إذا أتيت إلى روما محملا بالمال فثق بأنك ستلق من الناس أعظم احترام. إن الفضيلة وبركات السماء تباع هنا، بل إن في وسعك أن تشتري الحق في أن ترتكب ما شئت من الخطايا في المستقبل، وليس من شك في أنك تكون معتوهاً لو تمسكت بالأخلاق الطيبة؛ فالناس العقلاء سيكونون أشراراً".
وفي سخرية مرحة أهدى إلى ليو العاشر (١٥١٧) طبعة جديدة من رسالة فالا المدمرة عن "هبة قسطنطين" الخيالية، وأكد للبابا أن أغلب أسلافه من البابوات كانوا طغاة مستبدين ولصوصاً ومغتصبين، وأنهم حولوا