للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدرها ثمانية أمثال قيمة الشيء المسروق، وإذا سرق رجل من طبقة " الفيزيا " شيئاً دفع غرامة تساوي ستة عشر مثلاً، والرجل من "الكشاترية" يدفع اثنين وثلاثين مثلاً، وأما البرهمي فيدفع غرامة قدرها أربعة وستين مثلاً؛ وكان يستحيل على البرهمي أن يؤذي كائناً حياً (٩٣).

وأخذت قوة الكهنة تزداد من جيل إلى جيل حتى أصبحوا أطول ما عرفه التاريخ من طبقات الأرستقراطية بقاء على وجه الدهر، وذلك لاعتدالهم في مراعاة هذه القواعد من ناحية، ومن ناحية أخرى لأنهم وجدوا شعباً أثقلته فلاحة الأرض فأخضعته لتقلبات الجو التي بدت لهم كأنها تقلبات أهواء شخصية، فشغلهم ذلك كله عن النهوض بأنفسهم من الخرافة إلى نور العرفان؛ فيستحيل أن تجد هذه الظاهرة العجيبة في أي مكان آخر غير الهند - وهي ظاهرة نموذجية تمثل بطء التغير في الهند - وأعني بها أن تظل طبقة عليا محتفظة بامتيازاتها وعلو مكانتها على مر العصور بكل ما شهدته من غزوات وأسر حاكمة وحكومات مدى ٢٥٠٠ عام؛ ولا ينافسهم طول البقاء إلا "الشاندالا" طريدة الطبقات؛ أما فئة "الكشاترية" القديمة التي كان لها السلطان على الميدان الفكري والسياسي في عهد بوذا، فقد توارت بعد عصر جوبتا؛ وعلى الرغم من أن البراهمة اعترفوا بمحاربي "راجبوت" واعتبروهم بمثابة تطور طرأ على الطبقة المحاربة القديمة، إلا أن الكشاترية - بعد سقوط راجبوتانا- لم يلبثوا أن زالت دولتهم، وأخيراً لم يبق إلا طائفتان كبيرتان، وهما طائفة البراهمة التي كانت طبقة الحكام في الهند من الناحية الاجتماعية والفكرية، ثم يأتي تحتهم ثلاث آلاف طبقة هي في حقيقة الأمر عبارة عن النقابات الصناعية (١).

ولو استثنيت نظام الزوجة الواحدة من حيث إساءة تطبيقه، لجاز لك أن تقول إن نظام الطبقات أكثر النظم الاجتماعية سوء تطبيق، ولولا ذلك لوجدت ما تقوله في الدفاع عن هذا النظام، فله حسنة التصفية الاجتماعية التي تصون ما نزعم أنه دم نقي من الشوائب ومن الانقراض اللذين ينتجان حتماً عن فك


(١) راجع الفصل التاسع، في قسمه الرابع لتلم بنظام الطبقات في عصرنا.