برنامج الدرس يركز على اللاهوت والفلسفة، وكانت لا تزال كلامية ولكن المذهب الاسمي لأوكهام كان قد انتصر هناك، ولعا لوثر قد فطن إلى رأي أوكهام الذي يذهب إلى أن البابوات والمجالس الدينية يمكن أن تخطئ، وكان من رأيه أن فلسفة الكلام في أية صورة من صورها غير مستحبة حتى انه امتدح لصديق له "إلا يتعلم الروث الذي يقدم باعتباره فلسفة"(١١).
وكان في أرفورت بعض علماء الانسانيات المعتدلين، وتأثر بهم قليلاً ولكنهم لم يهتموا به عندما وجدوه يحتفل بالعالم الآخر. وتعلم قليلاً من اليونانية والنزر اليسير من العبرية ولكنه قرأ أمهات الكتب الكلاسيكية باللاتينية، وحصل على ١٥٠٥ على درجة الماجستير في الآداب، فأرسل له أبوه المزهو به نسخة غالية من مجموعة قوانين البلد هدية بمناسبة تخرجه. واغتبط عندما بدأ ابنه في دراسة القانون. وفجأة بعد شهرين من هذه الدراسة قرر الشاب أن يصبح راهباً، الأمر الذي أفزع والده.
وهذا القرار يعبر عن التناقض في خلقه، فقد كان قوياً يفيض بالحيوية إلى حد الانغماس في الشهوات، وكان من الواضح أنه خلق لحياة يرضي فيها الغرائز الطبيعية، ومع أنه لقن في البيت والمدرسة عن اقتناع أن الإنسان آثم بطبعه، وأن الاثم معصية لإله قادر على كل شيء شديد العقاب، فإنه لم يوفق قط، في الفكر أو في السلوك، بين غرائزه الطبيعية وبين معتقداته المكتسبة. ويبدو أنه عندما كان يمر بالتجارب الغرامية العادية ونزوات المراهقة لم يستطع أن ينظر إلى هذه التجارب على أنها مراحل من التطور، بل رأى أنها من أعمال شيطان نذر نفسه للإيقاع بالارواح في لعنة أبدية لا فكاك منها. وكان مفهومه الذي لقن له عن الله لا يكاد يشمل أي عنصر من الحنان، ولم يكن لصورة مريم المواسية موضع كبير في هذا اللاهوت القائم على الخوف، ولم يكن يسوع هذا هو الابن المحب الذي لا يستطيع أن يرفض طلباً لأمه، بل كان عيسى في يوم الدينونة الذي كثيراً ما صوّر في