ثق بأن الله رب السموات سوف يقوض عرشك قريباً ويغرقه في هاوية الجحيم … يا سيدي المسيح أطل علينا من عليائك ودع يوم قصاصك يشرق ودمر عش الشيطان في روما! (٤٩).
وأصبح هذا الهجوم العنيف الذي قام به رجل ضد سلطة تشمل كل أوربا الغربية، حديث ألمانيا، فالحذرون من الرجال عدّوه من قبيل الافراط والتهور وعدّه الكثيرون من بين أعظم الأفعال البطولية في تاريخ ألمانيا. وسرعان ما نفدت أول طبعة من كتاب "خطاب مفتوح" وشغلت مطابع في تمبرج بإخراج طبعات جديدة. وكانت ألمانيا مثل إنجلترا، مهيأة لتقبل الدعوة إلى القومية ولم يكن هناك إبان هذا العهد دولة اسمها ألمانيا على الخريطة ولكن كان هناك ألمان بدءوا يشعرون بأنفسهم كشعب. وبما أن هس قد أكد وطنيته البوهيمية، وبما أن هنري الثامن لم ينبذ العقيدة الكاثوليكية بل رفض أن يمتد سلطان البابا إلى إنجلترا، فإن لوثر وقتذاك زرع بذرة الثورة لا في صحارى اللاهوت بل في الأرض الخصبة لروح ألمانيا القومية وحيثما فازت البروتستانية حملت القومية العلم.
وفي سبتمبر عام ١٥٢٠ أصدر إيك وجيروم ألياندر منشور الحرمان من غفران الكنيسة في ألمانيا فرد عليهم لوثر الطعنة باصدار بيان ثانٍ هو "الأسر البابلي للكنيسة"(٦ أكتوبر) ولما كان موجهاً إلى علماء اللاهوت والدارسين فإنه عاد إلى الكتابة باللاتينية، ولكن سرعان ما ترجم البيان وكان له تأثير عظيم على العقيدة المسيحية قارب تأثير "خطاب مفتوح" على التاريخ الديني والسياسي. فكما قاسى اليهود طويلاً من الأسر في بابل فإن الكنيسة كما أنشأها المسيح، وكما نص عليه في العهد الجديد قد تعرضت للأسر ما يزيد على ألف عام تحت حكم البابوية في روما. وفي خلال تلك الفترة تعرض دين المسيح إلى الفساد في الإيمان والأخلاقيات والشعائر. وبما أن المسيح قد أعطى حوارييه نبيذاً وخبزاً في العشاء الأخير فإن الهسيين كانوا