ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، وهم الذين يعزى إلى اختلاف مشاربهم وإلى جهودهم كل الظروف التي تحيط بمصير الإنسان وفي هذا إقحام للزرادشتية في لاهوته. كما سلّم تسليماً كاملاً بالمفهوم السائد في القرون الوسطى عن الشياطين التي تهيم في الأرض وتوسوس للناس وتغويهم بالإثم وتعرضهم للنحس وتمهد للإنسان طريقه إلى جهنم. وقال:"إن كثيراً من الشياطين تهيم في الغابات والمياه والبراري وفي الأماكن المظلمة المليئة بالبرك وهي متأهبة أبداً لإيذاء الناس، وبعضها يهيم في السحب الكثيفة السوداء"(١١٧).
وقد يكون بعض هذا الاعتقاد إبداعاً تربوياً واعياً لمخاوف خارقة نافعة، ولكن لوثر كان يتحدث بغير كلفة عن الشياطين ويبدو أنه صدق كل ما قيل عنهم. وقال "إني أعرف الشيطان حق المعرفة"، وذكر بالتفصيل أحاديثهم مع بعضهم بعضاً (١١٨). وكان أحياناً يفتن الشيطان بالعزف على الناي واحياناً كان يفزع الشيطان المسكين (١١٩) بأن يرميه بأقذع السباب (١٢٠). وأصبح من عادته أن يعزو إلى الشيطان الأصوات المخيفة التي تصدر من الجدران وهي تتقلص من البرودة في الليل وذلك عندما كان يستيقظ على هذه الأصوات، وكان في وسعه أن يستنتج وهو واثق أنها من عمل الشيطان، وهو يحوم حوله وأن يستأنف نومه في هدوء (١٢١). ونسب إلى فعل الشيطان ظواهر مختلفة لا تسر. سقوط البَرَد والرعد والحرب والطاعون، أما الحوادث السعيدة كلها فهي في نظره من فعل الله (١٢٢). وكان يجد صعوبة في إدراك كل ما نسميه القانون الطبيعي. ويبدو أن كل التراث الشعبي التيتوني عن الطيف الصخّاب أو الروح التي تحدث الضجة قد صدقه لوثر بحذافيره والشياطين يؤثر أن تتقمص أجساد الثعابين والقردة (١٢٣). وكان لوثر يرى أن الفكرة القديمة التي تذهب إلى أن في وسع الشياطين أن تضاجع النساء وأن تنجب منهن أطفالاً فكرة صائبة، بل إنه أشار في مثل هذه الحالة بضرورة إغراق الطفل الذي يولد نتيجة لهذه العلاقة (١٢٤). وقبل السحر والعرافة على أنهما من الحقائق المسلّم بها وكان يرى أن إحراق الساحرات على السارية (١٢٥) واجب