وطبقاً لما يقوله ميلانكتون طرد المتطرفون المظفرون الرهبان وجردوا الكنيسة من أملاكها (١٦)، ومهما يكن من أمر فلم يكن من المستطاع الوثوق بعالم من علماء اللاهوت في هذا العصر، ليقدم بلا تحيز تقريراً عن أعمال الخصوم ووجهات نظرهم ولم تنشأ جامعة أمم (كومونويلث) شيوعية، وأثبت بفيفر أنه أقدر في الناحية العملية من منتسر، وطوع الثورة للوفاء بحاجات الطبقة المتوسطة. وتوقع منتسر مسبقاً مهاجمة الفرق الإمبراطورية، فنظم جيشاً من العمال والفلاحين وأعد له طائفة من رجال المدفعية الثقيلة في دير "الرهبان الحفاة" وكانت الصيحة التي أطلقها بين رجاله هي "إلى الأمام والحديد لا يزال ساخناً واجعلوا سيوفكم دائماً ساخنة بالدماء"(١٧).
وفي نحو هذا الوقت نفسه كانت ثورات الفلاحين تزلزل جنوب ألمانيا، ولعل عاصفة البرد الهوجاء (١٥٢٤) التي قضت على كل الآمال المعقودة لجني محصول في شتيلنجن كانت بمثابة الزناد الذي أشعل نار الثورة. ولم تكن هذه المقاطعة القريبة من شافهاوزن تبعد كثيراً عن سويسرة لكي يشعر أهلها مثل الفلاحين الأشداء الذين كانوا قد حرروا أنفسهم هناك من كل شيء إلا مظاهر السلطة الإقطاعية. وفي ٢٤ أغسطس عام ١٥٢٤ جمع هانزميلر حوله بعض الفلاحين من شتيلنجن بناء على إيحاء من منتسر وكون لهم رابطة باسم "الأخوة الانجيلية" وتعهد بتحرير المزارعين في أرجاء ألمانيا، وسرعان ما انظم إليهم المستأجرون الساخطون من راهب ريخيناو أسقف كونستانس وكونتات فردينبورج مونتفورت ولوبفين وسولتس. وما أن انتهى عام ١٥٢٤ حتى كان هناك حوالي ٣٠٠٠٠ فلاح مدججين بالسلاح في جنوب ألمانيا، ورفضوا دفع الضرائب التي تفرضها الدولة وضرائب العشور الكنسية والضرائب الإقطاعية وأقسموا على الظفر بالحرية أو الموت.
وفي مارس ١٥٢٥ صاغ في ميمينجن مندوبوهم، بإرشاد البروتستانت من أتباع تسفينلجي أو بتأثيره، البنود الأثني عشر التي أشعلت النار في نصف ألمانيا.