زوجاتهم من المسلمين- وهذا عامل من عدة عوامل- فقد اصطنعوا نظام "البردة" وتمسكوا به في تزمت بلغ من شدته أن المرأة المحترمة لا تستطيع أن تبدي نفسها لغير زوجها وأبنائها، ولا يمكنها الانتقال خارج دارها إلا مستورة بقناع سميك؛ حتى الطبيب الذي يعالجها ويجس نبضها، لا مندوحة له عن أداء واجبه خلال ستار (١٤٨)؛ وإنه لمن الخروج على القواعد الخلقية في بعض الأوساط أن تسأل عن زوجة غيرك أو أن تتحدث وأنت ضيف إلى سيدات البيت الذي يضيفك (١٤٩).
كذلك عادة إحراق الأرامل على الكومة التي احترق فيها أزواجهن جاءت إلى الهند من خارج، ويقول عنها "هيرودوت" أنها كانت عادة جارية بين السُّكَّيت القدماء وأهل تراقيا؛ ولو كان لنا أن نصدقه في روايته، إذن لعلمنا أن زوجات الرجل من أهل تراقيا كن يقتتلن تسابقاً على امتياز القتل على قبر الزوج (١٥٠)، ولعل هذه الشعيرة قد هبطت إلى الهنود من عادة قديمة كادت تشمل شعوب العالم البدائية كلها، وهي التضحية بواحدة أو اكثر من زوجات الأمير أو الغني، أو من خليلاته، والتضحية معها بطائفة من عبيده، وغير ذلك مما لابد من تقديمه قرباناً إثر وفاته، وذلك ليعنى هؤلاء بالميت في الحياة الآخرة (١٥١)؛ ويذكرها كتاب "إتارفا فيدا" على أنها عادة قديمة؛ أما "رج فيدا" فيذكر لنا أن هذه العادة في العصر الفيدي كانت قد خف شأنها حتى أصبحت محصورة في مطالبة الأرملة بالرقاد على كومة الحطب التي أعدت لزوجها لحظة قبل إحراق جثته (١٥٢).
ثم تعود قصيدة "ماهابهاراتا" فتصف هذه العادة الاجتماعية وصفاً يدل على عودتها كاملة بغير شعور من الناس بفداحة ما يفعلون، وهي تذكر أمثلة