الصحبة، وتعقد الصداقة والتعارف بين الشبان والفتيات، وهنا يمكن ملاحظة صلاتهم، وترتيب لقاء شريف عابر بينهم، وأنا نفسي لا مانع عندي من حضوري معهم في بعض الأحايين، ولكن الشباب سيكون أقل إمعاناً في الرقص لو أنني فعلت" (٣٨). وأراد بعض الوعاظ البروتستانت تحريم اللهو، ولكن لوثر كان أكثر تسامحاً وقال: "يجب على المسيحيين ألا يعرضوا عن اللهو، لأن فيه أحياناً فظاظة وفحشاً، فما أحراهم، من أجل هذه الأسباب نفسها، أن يتخلوا أيضاً عن الكتاب المقدس" (٢٩).
فإذا نظرنا لكل هذه الاعتبارات، فإن مفهوم لوثر عن الحياة كان صحياً باعثاً على المرح، إلى درجة ملحوظة لإنسان كان يعتقد أن "كل النوازع الفطرية ليست بعيدة عن الرب أو ضده" (٤٠)، "وأن كل تسعة أرواح من عشرة قدر عليها الله أن تخلد في الجحيم" (٤١). والحق أن الرجل كان خيراً من لاهوته إلى حد كبير.
وكان عقله قوياً وإن غامت عليه إلى حد بعيد روائح عفن شبابه، وصبغته الحرب باللون الأحمر، فحالت بينه وبين التفكير في فلسفة عقلانية. وكان يعتقد، مثل معاصريه، في الغيلان والساحرات والشياطين، وقدرة الضفادع (٤٢) البرية الحية على الشفاء، والكوابيس الخبيثة، التي تبحث عن العذارى في حمّاماتهن أو في مخادعهن، وتفزعهن ويدفعن بهن إلى الأمومة (٤٣). وسخر من التنجيم، واستخدم مع ذلك في حديثه اصطلاحاته أحياناً، وامتدح الرياضيات، من حيث أنها "تعتمد على الأدلة والبراهين الثابتة" (٤٤)، "وأعجب بما توصل إليه الفلك في جرأة في مجال النجوم، ولكنه، شأنه في هذا شأن جميع معاصريه، رفض النظام الكوبرنيقي في الفلك، باعتباره مناقضاً للكتاب المقدس، وأصر على أن العقل يجب أن يلزم الحدود التي وضعتها له العقيدة الدينية.
وليس من شك في أنه كان محقاً في حكمه الذي يذهب إلى أن الشعور،