ولكونها أمسكت عن إظهار ألمها بأية علامة من علاماته، فقد عبرت عن ازدرائها لأولئك الذين نصحوها بالإقلاع عن إحراق نفسها جرياً مع الطقوس (١٥٨)؛ وفي "فيجاياناجار" كان قتل الزوجة هذا يتخذ صورة جمعية، فلا يكتفي فيه بقتل زوجة واحدة أو عدد قليل من زوجات الأمير أو القائد بعد موته، بل كان لابد لكل زوجاته أن يتبعنه إلى الموت؛ ويروى لنا "كونتي" أن "الرايا" أو الملك قد اختار ثلاثة آلاف من زوجاته البالغ عددهن اثني عشر ألفاً، ليكن مقربات له "على شرط أن يحرقن أنفسهن مختارات عند موته، وأن ذلك ليعد شرفاً عظيماً لهن"١٥٩) وأنه من العسير علينا أن نحكم إلى أي حد كانت الأرملة الهندية في عصور الهند الوسطى راضية النفس عن هذه العادة بقوة التأثير الديني والعقيدة، وبقوة الرجاء في أن تعود إلى الاتحاد بزوجها في الحياة الآخرة.
وأخذت "السوتي"- قتل الزوجة بعد موت زوجها- تقل شيئاً فشيئاً كلما ازدادت الهند اتصالاً بأوربا، ولو أن الأرملة لم تزل تعاني صعاباً كثيرة، فما دام الزواج قد ربط المرأة بزوجها رباطاً أبدياً، فإن زواجها مرة ثانية بعد موت زوجها كان يعد جريمة فادحة، ومن نتائجه المحتومة أن يحدث للزواج اضطراباً في حياته المقبلة، وعلى ذلك كان لابد للأرملة وفق قانون البرهمي أن تظل بغير زواج وأن تحلق شعرها وتحيى حياتها (إذا لم تؤثر لنفسها القتل في نار زوجها) معنية بأطفالها ومشتغلة بأعمال البر والإحسان (١٦٠) ولم يكن يحكم على الأرملة بالفقر، بل الأمر على عكس ذلك، إذ كان لها الحق الأول في أملاك زوجها (١٦١) غير أن هذه القواعد لم تجد قبولاً إلا عند النساء المحافظات على التقاليد من نساء الطبقتين العليا والوسطى- وهؤلاء نسبتهن ثلاثون في المائة من مجموع السكان- وأما المسلمون والسيخ والطبقات الدنيا فقد أهملوا تلك القواعد إهمالاً تاماً (١٦٢) والرأي عند الهنود هو أن هذه العذرية الثانية التي تصطنعها الأرملة عندهم شبيهة بامتناع الراهبات في المسيحية عن الزواج