ودعوا كل مَن يستطيع أن يلقي عليهم كبريتاً وزفتاً، وإذا كان في وسع أحد أن يقذفهم بوابل من نار جهنم، فإنه يحسن صنعاً لو فعل هذا … وهذا ما يجب عمله كرامة لربنا وللمسيحية، حتى يرى الله أننا مسيحيون حقاً. ولتحطم بيوتهم وتدمر أيضاً … ولتنتزع منهم كتب صلواتهم وتلمودهم وكتابهم المقدس بأسره أيضاً، وليحرم على حاخاماتهم أن يلقنوا الناس تعاليمهم بعد ذلك من الآن فصاعداً، وإلا عوقبوا بالإعدام، ولتغلق في وجوههم الشوارع والطرق العامة، وليحرم عليهم الاشتغال بالربا، ولتؤخذ منهم كل أموالهم وكل ما يكنزون من الذهب الفضة، ولتوضع في الحفظ والصون. وإذا لم يكفِ هذا كله فليطردوا من البلاد كما لو كانوا كلاباً مسعورة (٥٤).
ولم يحدث قط أن غلبت الشيخوخة على لوثر، ففي عام ١٥٢٢ كان لا يزال متحدياً للبابوات وكتب يقول:"إني لا أقبل أن يحكم على عقيدتي أحد حتى لو كان من الملائكة، وكل مَن لا يتلقى عقيدتي بالقبول لن يستطيع الخلاص"(٥٥). وما أن حل عام ١٥٢٩ حتى استخلص فروقاً دقيقة بين العقيدتين وقال:
"لا يجوز إكراه إنسان على اعتناق عقيدة، ولكن ليس لأحد أن يلحق بها ضرراً. فليقدم خصومنا ما لديهم من اعتراضات، وليستمعوا إلى ردودنا، فإذا ما اهتدوا فيها ونعمت، وإذا لم يفعلوا فليمسكوا ألسنتهم ويؤمنوا بما يشاءون … ولكي نتجنب المتاعب يجب، إذا أمكن، إلا نعاني من التعاليم المتناقضة في نفس الولاية ويجب أن يكره الجميع بما فيهم الكفار على الامتثال على الوصايا العشر وحضور الصلاة في الكنيسة، والتلاؤم معها في ظاهر السلوك (٥٦).
وهكذا اتفق لوثر وقتذاك مع الكنيسة الكاثوليكية في أن المسيحيين في حاجة إلى يقين ثابت ومذاهب محددة، وإلى كلمة الله الحقة، التي