فيه أشخاص يزعمون أنهم أساقفة … وأخلاقهم كريمة … وهل من الصواب أن تضطهد رجلاً مثل هذا، لا تشوب أخلاقه شائبة، وليس في حياته ما يشينه، ووجد أشخاص من الصفوة في كتاباته الكثير مما يستحق الإعجاب؟ لقد كان الهدف ببساطة القضاء عليه وعلى كتبه، ليضيع في غمرات النسيان، وهذا لا يتحقق إلا إذا ثبت أنه على خطأ … إذا كنا ننشد الحقيقة، فإن كل امرئ يجب أن يكون حراً في أن يقول ما يراه دون خوف أو وجل. وإذا كوفئ المدافعون عن وجهة نظر أحد الطرفين يوضع تيجان الأساقفة على رؤوسهم، وجوزي المدافعون عن وجهة نظر الخصوم بالشنق أو بوضعهم فوق الخوازيق فإن الحقيقة لن تسمع أبداً … ولا يمكن أن يكون هناك شيء يبعث على النفور ويبعد عن الحكمة أكثر من نشرة البابا … إنها تخالف طبيعة البابا ليو العاشر، وأرى أن الذين أرسلوا لنشرها فحسب قد جعلوا الأمور تنقلب إلى أسوأ. ومهما يكن من شيء فإنه من الخطر أن يعارض الأمراء الزمنيون البابوية، أنا لست على استعداد لأن أكون أكثر شجاعة من الأمراء، وبخاصة عندما لا أستطيع أن أفعل شيئاً. ولعل فساد الحاشية الرومانية يجعلها في حاجة إلى إصلاح شامل وعاجل، ولكني أنا وأمثالي لا يطلب منا اتخاذ إجراء مثل هذا على عاتقهم، وأنا أرى أن تبقى الأمور على ما هي عليه، وأفضل أن أرى الأشياء على ما هي عليه على نشوب الثورة، قد تؤدي إلى نتيجة لا تحمد عقباها … ويمكنك أن تطمئن إلى أن أرازموس كان، وسوف يظل دائما، من الرعايا المخلصين لكرسي البابوية الروماني، وإن كنت أعتقد، ويعتقد كثيرون مثلي، أنه ستتاح فرصة أحسن لتسوية ما إذا قل الالتجاء إلى العنف، وإذا وضعت مقاليد الإدارة في أيدي رجال لهم وزن وعلى حظ من التعليم، وإذا تصرف البابا بوحي من ضميره، ولم يتأثر بآراء الآخرين" (٩٢).