أصدقاؤه عنه، يوماً بعد يوم، لأنه كما وصفه أحد مريديه في حزن:"كان من الصعب على أحدنا أن يفلت من غضبه واقتصاصه منه علناً"، وكان ميلانكتون المعروف بالصبر يتلوى ألماً، لكثرة ما يلقى من إذلال على يد صنمه، الذي صنعه دون أن يصقله، ومما يؤثر على لوثر أنه قال أما أوكيولامباديوس وكالفن … والهراطقة الآخرون فهم قلوب فاسدة، ذلك لأن الشيطان احتواهم من الباطن والظاهر، ومن الرأس إلى القدم، ولهم ألسنة لا تنطق إلا كذباً" (٢٩).
ولكم حاول جاهداً أن يتوخى الاعتدال في رسالته "عن المجالس والكنائس" (١٥٣٩)، وشبه الوعود البابوية المتكررة وتأجيل عقد مجلس عام أكثر من مرة بإثارة حفيظة حيوان جائع، وذلك بتقديم الطعام له ثم انتزاعه منه واستعرض تاريخاً ارتكز على المصالحة، وذلك بصورة تنم على علم غزير، وسجل أن عدة مجالس كهنوتية كانت قد دعيت إلى الانعقاد، ورأسها أباطرة - وفي هذا تلميح لشارل، وأعرب عن شكه في أن يقوم أي مجلس، دعاه البابا إلى الانعقاد، بإصلاح المحكمة الرومانية، وقبل إقرار حضور البروتستانت في مجلس للكنيسة "يجب أولاً أن ندين أسقف روما، باعتباره طاغية، وأن نحرق كل منشوراته ومراسيمه" (٣٠).
وتوحي آراؤه السياسية في السنوات الأخيرة من عمره بأن السكوت من ذهب حقاً بعد سن الستين. وقد كان طوال حياته من المحافظين في السياسة، حتى عندما اتضح أنه يشجع على قيام ثورة اجتماعية. وكانت ثورته الدينية موجهة إلى ممارسة الشعيرة، أكثر مما وجهت إلى المبادئ النظرية، فقد اعترض على الثمن الفادح الذي يدفع مقابل الحصول على صكوك الغفران، واعترض فيما بعد على استبداد البابوات. ولكنه قبل إلى آخر لحظة من حياته أشق العقائد في مسيحية المحافظين - الثالوث وولادة العذراء والتكفير عن الخطايا وحضور المسيح بجسده في القربان المقدس