الأوثان، وأنصار قداسته البابوية، واعتبارهم كفرة، وانتزاع ألسنتهم من أقفيتهم، وشد وثاقهم في صفوف على المشانق (٤٥).
ولعل الضعف قد بدأ يتسرب إلى ذهنه عندما كتب هذه الدعوة الصارخة إلى استخدام العنف. ولعل التسمم التدريجي للأعضاء الداخلية، بمرور الوقت وتناول الطعام والشراب، قد وصل إلى ذهنه وعطله عن التفكير. وأصبح لوثر في سني حياته الأخيرة بديناً إلى درجة مزعجة، بخدين متهدلين وذقن ملتو … وكان شعلة من النشاط، عملاقاً لا يهدأ، ويقول:"إذا استرحت فسوف يصيبني الوهن"(٤٦)، أما الآن فقد تطرق إليه التعب ووصف نفسه (١٧ يناير عام ١٥٤٦) بأنه "شيخ هرم مترهل متعب، لا يكترث لشيء، ليس له عين سليمة"(٤٧). وكتب يقول:"لقد سئمت الحياة الدنيا وسئمت هي مني"(٤٨) وعندما تمنت له الأميرة أرملة منتخب ساكسونيا أن يعيش أربعين عاماً أخرى رد عليها بقوله "سيدتي، إني لأتنازل عن فرصتي في دخول الجنة فهذا أحب إلي من أن أعيش أربعين عاماً أخرى"(٤٩). وقال "إني لأضرع إلى الرب أن يبادر بالحضور ليحملني من هنا. ألا فليقبل بصفة خاصة مع اليوم الآخر، وعندئذ سوف أمد عنقي ويدوي الرعد وأرقد في سلام"(٥٠). وظل حتى أخر نسمة من حياته تلوح له رؤى من الشيطان، وتراوده الشكوك بين آن وآخر في رسالته. وفي هذا يقول:"إن الشيطان يتعدى علي بالاعتراض بأن لساني أساء إلى الكثيرين، وأطلق سيلاً من الألفاظ الآثمة. وبهذا كثيراً ما يتركني في حيرة شديدة"(٥١). وكان في بعض الأحايين يتملكه اليأس من مستقبل البروتستانتية:"إن الصالحين من العباد يقلون يوماً بعد يوم" والطوائف والأحزاب (٥٢) تزداد عدداً، وتتسع بينهما هوة الخلاف و "بعد وفاة ميلانكتون سوف تمر فترة انحلال يؤسف لها"(٥٣) على العقيدة الجديدة. ولكن عندئذ عاودته شجاعته، وقال: "لقد أمسكت المسيح والبابوات من الآذان، ولهذا لن أزعج نفسي أكثر من ذلك، وعلى الرغم من أني حصرت نفسي