للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٥٣٢ الوعظ في جنيف، وقبض عليه عملاء الأسقف، الذي رأى أن يلقى "الكلب اللوثري" في نهر الرون، فتوسط المأمورون وهرب فاريل، بعد أن أصيب ببضع سحجات في رأسه، وتلوثت سترته بشيء من البصاق. وكسب إلى صفه مجلس الخمسة والعشرين، وأثار بمساعدة فينر فيريه وأنطوان فرومان الناس، ونال الكثير من التأييد الشعبي، مما دفع كل رجال الدين الكثالكة تقريباً إلى الرحيل. وأصدر المجلس الصغير يوم ١٢ مايو عام ١٥٣٦ مرسوماً بإلغاء القداس، وإزالة كل التماثيل ومخلفات القديسين من الكنائس، وحولت ممتلكات الكنيسة للوفاء باحتياجات البروتستانت الدينية، وإلى وجوه البر والتعليم، وجعل التعليم إجبارياً وبالمجان، وسيطر نظام أخلاقي صارم سيطرة القانون.

ودعي المواطنون لأن يقسموا على الولاء للإنجيل، أما الذين رفضوا حضور الصلوات طبقاً لمبادئ الإصلاح الديني فقد نفوا من البلاد. تلك هي جنيف التي أقبل إليها كالفن.

وكان فاريل وقتذاك في السابعة والأربعين من عمره، وعلى الرغم من أنه قدر عليه أن يعيش عاماً بعد كالفن، فإنه رأى في الشاب الصارم الفصيح، الذي يصغره بعشرين عاماً، الرجل الذي تشتد الحاجة إليه لدعم الإصلاح الديني ودفع عجلته إلى الأمام. وكان كالفن متردداً، إذ كان قد رسم لنفسه حياة، يقضيها في البحث العلمي والكتابة، وكان يحس بالطمأنينة مع الله أكثر مما يحس بها مع الناس، ولكن فاريل، بطلعته التي تشبه طلعة نبي راعد من أنبياء الإنجيل، هدد بأن يصب عليه لعنة الله، إذا آثر دراسته الخاصة على التبشير الصعب والخطير بالكلمة التي لم يتطرق إليها الوهن.

وأذعن كالفن، ووافق المجلس ومشيخية الكنيسة، وبدأ خدمته الدينية، دون التقيد بأي رسامة أخرى - بأن ألقى في كنيسة القدّيس بطرس