كتاب قصة الحضارة

جون كالفن - ٣ - جنيف وستراسبورج - ج: 24 - ص: 223

جد سعيد، بما ينعم به من اباحية، ولكنه حذر بأن يمتنع عن ممارسة أساليبه الداعرة. وصفد المقامرون بالأغلال، وسيق مقترفوا الزنا في الشوارع إلى المنفى.

ولما كان أهالي جنيف قد تعودوا على الخضوع لحكم كنسي، كان يقوم على نظام أخلاقي، يتسم بالرفق، فرضته كاثوليكية خففت من شدتها الأقاليم الجنوبية، فإنهم قاوموا التحلل الجديد من الواجبات، ونظم الوطنيون، الذين حرروا المدينة من الأسقف والدوق، أنفسهم من جديد، لتحريرها من قساوستها المتزمتين، وانضمت طائفة أخرى تطالب بحرية الضمير والعبادة، ومن ثم أطلقت على نفسها اسم المتحررين أو الأحرار إلى الوطنيين والكاثوليك الذين يمارسون شعيرتهم في الخفاء، وحصل هذا الائتلاف في انتخابات ٣ فبراير عام ١٥٣٨ على أغلبية في المجلس الكبير. وأبلغ المجلس الجديد القساوسة أن عليهم أن يبتعدوا عن السياسة، فندد كالفن وفاريل بالمجلس، ورفضا أن يناولا العشاء الرباني حتى تتواءم المدينة الثائرة مع النظام المرتكز على القسم، فما كان من المجلس إلا أن خلع كاهني الأبرشية (٢٣ أبريل)، وأمرهما بمغادرة المدينة في خلال ثلاثة أيام. واحتفل الناس بطردهما وسط مظاهر التهليل والابتهاج (٢٧). ولبى فاريل دعوة إلى نوبشاتل، وهناك ظل يقدم عظاته إلى آخر يوم في حياته (١٥٦٥)، وأقيم هناك نصب تذكاري تخليداً لذكراه.

وذهب كالفن إلى شتراسبورج، وكانت وقتذاك مدينة حرة لا تخضع إلى الإمبراطور، وتدير شئونها الدينية كنيسة الغرباء، وجماعة المصلين فيها بروتستانت، جاءوا من فرنسا بصفة خاصة. ولكي يدبر أموره بمبلغ الاثنين وخمسين جيلدر (١. ٣٠٠ دولار)؟، الذي كانت تدفعه له كل عام، باع مكتبته، وقبل عنده نزلاء من الطلبة. ووجد أن العزوبة لا تلائمه في موقفه هذا، فطلب من فاريل وبوسر أن يبحثا له عن زوجة،