وألف كهان الأبرشيات في جنيف "الجماعة المبجلة"، التي حكمت الكنيسة، ودربت المرشحين للخدمة الدينية. ولم يسمح كذلك لأحد بالوعظ في جنيف، دون أن يخول ذلك من الجماعة، وكان الأمر يتطلب أيضاً موافقة مجلس المدينة وجماعة المصلين، إلا أن الرسامات الأسقفية - وتنصيب الأساقفة - كانت محظورة.
وأصبح القساوسة الجدد، تحت رئاسة كالفن، أقوى منهم في أي نظام للقساوسة عرف منذ عهد إسرائيل القديمة، وذلك في الوقت الذي لم يدعوا فيه قط أنهم وهبوا القوى الخارقة للقساوسة الكاثوليك، وعلى الرغم من أنهم أصدروا على أنفسهم حكماً بأنهم لا يصلحون للوظيفة المدنية. وقال كالفن إن القانون الحقيقي لدولة مسيحية يجب أن يكون هو الكتاب المقدس، وأن القساوسة هم المفسرون الحقيقيون لذلك القانون، وأن الحكومات المدنية يجب أن تخضع لهذا القانون، وأن تدعمه كما يفسره رجال الدين. ولعل الرجال المتمرسين في المجالس قد راودتهم بعض الشكوك، في هذه النقاط، ولكن يبدو أنهم شعروا بأن النظام الاجتماعي أجدى للاقتصاد، ومن هنا فإن بعض الدعاوى الكنسية يحسن أن تترك مؤقتاً دون اعتراض، والظاهر أن حكومة رجال الدين ظلت تسيطر على حكومة أقلية من التجار ورجال الأعمال خلال ربع قرن عجيب.
ومارس رجل الدين سلطتهم على حياة أهالي جنيف من خلال مجمع للكرادلة أو مشيخية مكونة من خمسة من كهنة الأبرشية وأثنى عشر شيخاً للكنيسة من العلمانيين، والجميع يختارهم المجلس.
وبينما كان كهنة الأبرشية يتمسكون بحقهم في المنصب، من خلال خدمتهم الدينية، وشيوخ الكنيسة يظلون في مناصبهم عاماً واحداً فقط، فإن مجمع الكرادلة كان يحكمه أعضاؤه من رجال الدين في أمور لا تمس الأعمال بصورة جوهرية. وأعطى لنفسه الحق في تنظيم العبادة الدينية وفرض السلوك الأخلاقي على كل ساكن، وأرسل قسيساً وشيخاً للكنيسة، لكي