للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهراً لأسباب غير معروف متخذ اسماً مستعاراً، وفي غضون ذلك أعد ترتيباته للانتقال إلى زيورخ، وفي اليوم الثالث عشر من أغسطس حضر الصلاة بالكنيسة، ولعله فعل هذا لكي يتجنب استقصاء السلطات عنه. وهناك عرف وأبلغ ذلك إلى كالفن فأمر بالقبض عليه. وشرح كالفن هذا العمل في خطاب (٩ سبتمبر عام ١٥٥٣)، قال: "إذا كان البابويون قساة غلاظ الأكباد ويظهرون منتهى العنف دفاعاً عن خزعبلاتهم إلى حد أنهم يثورون غضباً وتقسو قلوبهم فيسفكون الدم البريء ألا يخجل الحكام المسيحيون من أنفسهم عندما يبدون أمام الناس أقل غيرة في الدفاع عن الحق الذي لا ريب فيه؟ " وتأثر المجلس الصغير بزعامة كالفن وفاقه في القسوة والفظاظة، ولما كان سرفيتوس مجرد عابر سبيل ولم يكن مواطناً يخضع لقوانين مدينة جنيف فإن المجلس من الناحية القانونية كان لا يستطيع أن يفعل شيئاً أكثر من نفيه خارج المدينة.

واعتقل في قصر سابق لأحد الأساقفة تحول الآن إلى سجن. ولم يعذب إلا بالقمل الذي أغار على زنزانته. وسمح له بورق وحبر وبأي كتب يعن له شراؤها، وأعاره كالفن بضعة مجلدات بقلم الآباء الأوائل. وأديرت المحاكمة بعناية واستمرت ما ينوف على شهرين. ودبج كالفن قرار الاتهام في ثمان وثلاثين مادة عدمها بفقرات استشهد بها من كتابات سرفيتوس. ومن بين التهم أنه قبل وصف سترابو لليهودية بأنها بلد مجدب بينما وصفها الكتاب المقدس بأنها أرض يتدفق فيها اللبن والعسل (٦٣). وكانت الاتهامات الرئيسية الموجهة إلى سرفيتوس هي أنه رفض التسليم بالثالوث وتعميد الأطفال، كما اتهم أيضاً بأنه "طعن في شخص السيد كالفن العقائد التي فرضها إنجيل كنيسة جنيف" (٦٤)، وفي يومي ١٧ و ٢١ من أغسطس ظهر كالفن بشخصه في قاعة المحكمة ليوجه له الاتهام. ودافع سرفيتوس عن آرائه بشجاعة، ومنها القول بمذهب وحدة الوجود. وقام تعاون غير مألوف بين العقائد المعادية فطلب المجلس البروتستانتي في جنيف من القضاة الكاثوليك في فيين إبداء