قادم (١٦)، وقد أطلقت على أمها وشقيقها ونفسها اسم "ثالوثنا"، وقنعت بأن تكون "الزاوية الصغرى" في ذلك "المثلث المتساوي الأضلاع (١٧) ". وكانت بحكم مولدها مرجريت أميرة أنجوليم وأورليان وفالوا. وتكبر فرانسيس بعامين، فأسهمت في تنشئته وشاركته ألعاب الطفولة، وكانت بمثابة "أمه وعشيقته وزوجته الصغيرة (١٨) ". وسهرت عليه في كلف شديد كما لو كان إلهاً مخلصاً قد تحول إلى إنسان، وعندما وجدت أنه كان مسرفاً في شهواته الجنسية مثل "الأساطير" تقبلت ذلك التصرف منه باعتباره حقاً لإله من آلهة الأغريق، على الرغم من أنها بالذات لم تلحقها أي لوثة من بيئتها. وقد فاقت فرانسيس في الدراسات، ولكنها لم تضارعه قط في تقديره للفن بعين خبيرة. وتعلمت الأسبانيّة والإيطالية واللاتينية واليونانية وبعض العبرية، وأحاطت نفسها وقد تملكتها رغبة جامحة، بالأدباء والشعراء وعلماء اللاهوت والفلاسفة، ومع ذلك فإنها كانت تتحول يوماً بعد يوم إلى امرأة جذابة، ولم تكن جميلة الجسد إذ كان لها ذلك الأنف الطويل الذي اشتهر به آل فالوا، ولكنها كانت ذات سحر أخاذ بفضل مفاتن شخصيتها وذكائها. وكانت عطوفاً، لطيفة كريمة حنوناً، وكثيراً ما كانت تندفع في مجون مرح. وكانت تعد من أبرع الشواعر في هذا العصر، وكان بلاطها في نراك أوبو من أعظم المراكز الأدبية تألقاً في أوربا. وكان كل إنسان يحبها ويود أن يكون بقربها. وأطلق عليها أهل ذلك العصر الرومانسي الساخر لقب لؤلؤة آل فالوا- لأن مرجريتا Margarita باللاتينية معناه لؤلؤة، وانتشرت أسطورة جميلة تقول إن لويز أميرة سافوي حملت بها بعد أن ابتلعت لؤلؤة.
وتعد رسائلها لأخيها من أجمل وأرق ما كتب في الأدب، ولابد أنه كان يطوي جوانحه على الكثير من الخير، لينتزع منها مثل هذا الإخلاص. وكانت غرامياتها الأخرى تتفاوت مداً وجزراً وتتأجج أو تفتر، أما هذه