واعتقد الكاردينال أن التمسك بالمراسيم دعامة القوة، ويستطيع المرء بالقوة أن يبوأ السلطة ولكنه لا يستطيع أن يدعمها بثمن بخس وفي هدوء وسلام إلا بالتعود عليها أمام الجمهور، والناس تحكم على سمو المرء بمقدار تمسكه بالرسمية التي يحتمي بها. ولهذا فإن ولزى كان يظهر في الحفلات العامة والرسمية مرتدياً أفخر الملابس الرسمية التي خيل إليه أنها مناسبة لمثل كل من البابا والملك. قبعة كردينال حمراء، وقفازين حمراوين، وأردية من التافتاه القرمزة وحذاء من الفضة أو مموهاً بالذهب، ومرصعاً باللآلئ والأحجار الكريمة - ها هو ذا أنوسنت الثالث وبنيامين دزرائيلي وبروفل الجميل اجتمعوا معاً في شخص واحد. كان أول مَن لبس الحرير (١٧) بين رجال الدين في إنجلترا. وعندما كان يردد القداس (وهو أمر نادر) كان شمامسته من الأساقفة والرهبان، وفي بعض المناسبات كان النبلاء من حملة ألقاب دوق وايرل يصبون الماء الذي يغسل به يديه المقدستين. وأذن لتابعيه أن يركعوا وهم يخدمونه على المائدة. وخدمه في مكتبه وبيته خمسمائة شخص (١٨)، كثير منهم من ذوي النسب العريق. وكانت قلعة هامبتون التي شيدها لتكون مقراً له باذخة جداً إلى حد أنه أهداها للملك (١٥٢٥) ليتقي شر حسده.
ومهما يكن من أمر فإنه نسي أن هنري كان ملكاً. وكتب جيوستنياني إلى عضو شيوخ من البنادقة:"لدى وصولي لأول مرة إلى إنجلترا اعتاد الكاردينال ان يقول لي إن جلالته سوف يفعل كذا وكذا". وبعد ذلك - بالتدريج نسي نفسه وبدأ يقول:"سوف نفعل كذا وكذا" أما الآن يقول: "سأفعل كذا وكذا"(١٩)، وكتب السفير مرة أخرى يقول:"إذا كان لابد من إغفال أمر الملك أو الكاردينال فمن الأفضل التغاضي عن الملك، فالكاردينال قد يستاء من السبق الذي يسلم به للملك (٢٠) " وقلما كان الأشراف والدبلوماسيون يحصلون على الأذن بالمثول في حضرة الحاجب قبل تقديم