وخرت كاترين على ركبتيها أمامه وتوسلت إليه بكلمات مؤثرة أن يستأنفا حياتهما الزوجية. وذكرته بأعمالها الكثيرة وإخلاصها التام، وصبرها على لهوه خارج الأسوار، وأقسمت أن الله يشهد على أنها كانت عذراء عندما تزوجها هنري، وتساءلت أي شيء صنعته أساءت به إليه (٦٨)؟ فأنهضها هنري وأكد لها أنه لم يكن هناك ما يتمناه بحماسة أكثر التوفيق في زواجهما وأوضح لها أن الأسباب التي حملته على طلب الانفصال ليست شخصية، بل أملتها عليه مصلحة الأسرة المالكة والأمة. ورفض استغاثتها بروما على أساس أن الإمبراطور يسيطر على البابا، فانسحبت وهي تبكي، ورفضت أن تشترك بعد ذلك في الإجراءات القضائية. وتكلم الأسقف فيشر مدافعاً عنها ومن ثم اكتسب عداوة الملك. وطالب هنري بصدور قرار من المحكمة وتحايل كامبيجيو على المماطلة في إصدار الحكم وأخيراً (٢٣ يوليو سنة ١٥٢٩) أجل المحكمة إلى العطلة الصيفية. وألغى كليمنت القضية وحولها إلى روما لكي يجعل التردد أشد حسماً.
واستشاط هنري غضباً وشعر بأن كاترين عنيدة بصورة غير معقولة، فرفض أن تربطه بها أية علاقة بعد ذلك، وأخذ يقضي ساعات لهوه علناً مع آن وربما ترجع إلى هذه الفترة معظم رسائل الحب السبع عشرة التي نقلها كامبيجيو سراً من إنجلترا (٦٩) والتي تحتفظ بها مكتبة الفاتيكان بين ذخائرها الأدبية. ويبدو أن آن المجربة التي خبرت أساليب معاملة الرجال والملوك لم تمنحه إلا تشجيعاً ودغدغة تثير عواطفه، وشكت وقتذاك من أن شبابها يضيع في الوقت الذي يتوانى فيه الكرادلة الذين لم يستطيعوا أن يدركوا رغبة عذراء في الظفر برجل ميسور عن اعتراف بحق هنري في أن يتوج الرغبة برباط الزواج. ولامت ولزى لأنه لم يتعجل البت في طلب هنري بعزم أشد وبلاغ أسرع، وشاركها الملك استياءها.