إنسان. وأنا أقارن بينهم وبين كثير من الأمم … حيث يقول كل إنسان إن كل ما قد حصل عليه ملك خاص له وإنه أموال خاصة. وأنا أستمسك جيداً بما قاله أفلاطون … إن كل الناس يجب أن يحصلوا ويتمتعوا بحصص متساوية من الثروة والأمتعة … لأنه حيث ينتزع كل إنسان، يتخذ ألقاباً معينة ويتمسك بادعاءات ما، ويختطف أكبر قدر يستطيع الحصول عليه بحيث نجد أن قلة هي التي تتقاسم فيما بينها كل الثروات فلن يترك للباقين سوى العوز والفاقة (٣٥).
وكل إنسان في المدينة الفاضلة يأخذ إنتاجه إلى المخزن العام ويتسلم منه حسب ما تتطلبه احتياجاته. ولا أحد يطلب أكثر مما يكفيه لأن الأمان من الحاجة يصده عن الجشع. ويتناول الناس الوجبات على مائدة مشتركة ولكن للمرء أن يأكل في بيته إذا شاء. وليس في المدينة الفاضلة عملة ولا شراء بثمن رخيص ولا بيع بثمن غال، وآفات الغش والسرقة والنزاع على الملكية غير معروفة. ولا يستخدم الذهب بوصفه عملة، ولكن لصناعة أشياء نافعة مثل الأواني التي نقضي فيها الحاجة. وهي لا تعرف المجاعات أو السنوات العجاف، لأن المخازن العامة تحتفظ باحتياطي للطوارئ. وكل أسرة تشتغل بالزراعة والصناعة معاً، يستوي في ذلك الرجل والنساء. ولكي يتحقق إنتاج مناسب لابد أن يعمل كل بالغ ست ساعات يومياً، ويتحدد اختيار المهنة باحتياجات الجماعة. وسكان المدينة الفاضلة أحرار بمعنى الحرية من الجوع والخوف، ولكنهم ليسوا أحراراً في أن يعيشوا على حساب الآخرين. وفي المدينة الفاضلة قوانين بيد أنها بسيطة وقليلة، ومن ثم ينتظر من كل إنسان أن يدافع عن قضيته ولا حاجة لوجود محامين. ويحكم على الذين يخالفون القانون بالعمل عبيداً للجماعة، ويقومون بأداء المهام الكريهة، ولكنهم يستعيدون المساواة الكاملة بأقرانهم بعد انتهاء دورهم. أما الذين يكدرون صفو الأمن تكديراً خطيراً فيحكم عليهم بالإعدام في بلاد أخرى.