وكانت نتائج التحلل معقدة بلا حدود. ولعل الرهبان المتحررين قد أسهموا بدور متواضع أو لم يسهموا في زيادة عدد سكان إنجلترا من حوالي ٢. ٥٠٠. ٠٠٠ عام ١٤٨٥ إلى حوالي ٤. ٠٠٠. ٠٠٠ عام ١٥٤٧ (٢٠) وساعدت زيادة مؤقتة في عدد المتعطلين على تخفيض أجور الطبقات الدنيا جيلاً كاملاً، وأثبت ملاّك الأراضي الجدد أنهم أكثر جشعاً من القدامى (٢١).
وكانت النتيجة من الناحية السياسية هي زيادة سلطة الملكية، وفقدت الكنيسة آخر معقل للمقاومة، وكانت النتائج من الناحية الأخلاقية ازدياد الجرائم والخصاصة والتسول وتقلص الموارد اللازمة لأعمال البر (٢٢). وأغلق ما يزيد على مائة مستشفى تديرها الأديار، وقامت السلطات البلدية بتزويد قلة منها بالحاجة. أما المبالغ التي أوصت بها الأرواح الخائفة أو الموقرة للقساوسة، كتأمين ضد نار جهنم أو نار المطهر، فقد صودرت على أساس أن هناك أملاً في ألا يلحق الموتى أذى، وانتزع الملك (٢٣) ٢٣٧٤ من الهبات الموقوفة على إقامة قداسات للأرواح. وكانت أقسى النتائج في مجال التعليم. فقد كانت أديار الراهبات تهيئ مدارس للبنات، وكانت الأديار والقساوسة المشرفون على الهبات المخصصة للقداسات قد حافظت على مدارس وتسعين كلية للبنين، وحلت كل هذه المؤسسات.
وبعد أن ذكرنا الحقائق بإنصاف لا يشوبه إلا تحامل يصدر عن اللاوعي، فإنه يسمح للمؤرخ بإضافة تعليق افتراضي يعترف به. إن جشع هنري وجور كرومويل هما اللذان ساعدا في مدى جيل على تخفيض حتمي في عدد الأديار الإنجليزية وإضعاف نفوذها. وكانت هذه الأديار قد قامت يوماً بعمل يدعوا للإعجاب في مجالات التعليم والبر والعناية بالمرضى في المستشفيات، بيد أن إسباغ الصفة العلمانية على هذه الوظائف كان يسير قدماً في سائر أنحاء غربي أوربا، حتى في المناطق التي كانت تغلب عليها