كت وأخوه، واشتد الفقر، بيد أن دور البر التي اكتسحتها الثورة الدينية لم تنشأ دور بدلاً منها، وأصبح المرض متوطناً، ولكن المستشفيات كانت مهجورة. وتضور الناس جوعاً، ولكن العملة خفضت قيمتها مرة أخرى وارتفعت الأسعار. ثم إن ملاك الأراضي في إنجلترا الذين كانوا أقوياء في يوم من الأيام أخذوا يهلكون، وكان أفقر الفقراء يغرقون في بحر الهمجية (٥). وكانت الفوضى الدينية لا تقل عن الفوضى الاقتصادية، وظلت أغلبية الناس كاثوليكية (٦)، بيد أن انتصار وارويك على سوثهامبتون تركهم بلا قائد وشعروا بضعف موقف الذين يظاهرون الماضي. وأدى انهيار سلطة القساوسة الروحية والأدبية، وكذلك عدم استقرار الحكومة وفسادها إلى السماح لا بازدياد الفجور فحسب، ولكن إلى استفحال الهرطقة، بصورة أفزعت الكثالكة والبروتستانت على السواء. ووصف جون كليمنت (١٥٥١)"الأنواع العجيبة من الطوائف التي احتشدت في كل مكان لا من أنصار البابوية فحسب … ولكن من الآريوسيين المنكرين للتعميد وكل صنوف الهراطقة الآخرين أيضاً … بعضهم ينكر أن الروح القدس هو الرب، والبعض ينكر الخطيئة الأولى، والبعض الآخر ينكر القدر … وعدد لا يحصى من أمثال هؤلاء، يقصر بنا المقام عن ذكرهم (٧). وكتب روجر هتشنسون (حوالي عام ١٥٥٠) عن "الصدوقيين والفاسقين (أحرار الفكر)، الذين يقولون:"إن الشيطان" ليس إلا … غرام دنس بالجسد … وأنه ليس هناك موضع للطمأنينة أو العذاب بعد هذه الحياة الدنيا، وأن الجحيم ليس إلا ضميراً يائساً يعذب صاحبه، وأن الجنة ضمير مبتهج ساكن مرح (٨)".
وتحدث جون هوبر، أسقف جلوسستر البروتستانتي فقال: "هناك مَن يقول إن روح الإنسان ليست أفضل من روح حيوان، وأنها فانية وهالكة، وهناك أشقياء يتجاسرون في اجتماعاتهم على القول بأن