هنري الثامن، وفضلاً عن هذا فإن جين كانت قد تزوجت حديثاً من ابن نورثمبرلاند. ولم يكن إدوارد قد خول مثل أبيه السلطة من المجلس النيابي لتعيين خلفه، وكانت إنجلترا بأسرها تقريباً ترى أن ارتقاء الأميرة ماري العرش أمر لا مفر منه وعادل. واحتجت جين بأنها لم ترغب قط في أن تكون ملكة. وكانت امرأة نالت قسطاً غير عادي من التعليم: وكتبت باليونانية ودرست العبرية وتراسلت مع بولينجر بلغة لاتينية لا تقل جمالاً عن لغته. ولم تكن قديسة، وكان في وسعها أن تنتقد الكثالكة بشدة، وسخرت من التجسيد. ولكن نسب إليها من الآثام أكثر مما أثمت. وحسبت في أول الأمر أن خطة حميها من قبيل الدعابة، وعندما أصرت حماتها قاومت جين. وأمرها زوجها في آخر الأمر أن تقبل العرش فأطاعت "دون أن تختار أن تعصي زوجها" كما قالت، وأعد نورثمبرلاند وقتذاك العدة للقبض على كبار أنصار ماري وإيداع الأميرة نفسها في البرج حيث يمكن أن تتعلم التنازل.
وأوشك الملك على نهايته في أوائل يوليه، وسعل وبصق دماً، وتورمت ساقاه تورماً مؤلماً، وتفشى الطفح على جسده، وسقط شعره، ثم سقطت أظافره، ولم يستطع أحد أن يجزم بالمرض الغريب الذي يعاني منه، وراود الشك الكثيرين أن نورثمبرلاند قد سممه. وأخيراً مات إدوارد بعد أن عانى كثيراً (٦ يوليو سنة ١٥٥٣) ولم يتعد الخامسة عشرة من عمره، وأصغر كثيراً من أن يشارك فيما ارتكب في عهده من آثام.
وفي صباح اليوم التالي ركب نورثمبرلاند إلى هنسدون للقبض على الأميرة. بيد أن ماري هربت، بعد أن حذرت، إلى أصدقاء كاثوليكيين في سفولك، وعاد نورثمبرلاند إلى لندن دون أن يحصل على فريسته. وأقنع المجلس الخاص بالوعود أو التهديدات أو الرشاوى بالانضمام إليه في المناداة