وغسلت وقبلت يوم خميس العهد عام ١٥٥٦ أقدام إحدى وأربعين امرأة مسنة وهي تدلف على ركبها من واحدة لأخرى ومنحتهن جميعاً صدقات (٤٤). وما دام الأمل في الأمومة قد تبدد أصبح الدين سلواها التي تعينها على الاحتمال.
ولكنها لم تستطع أن تبعث الماضي تماماً. فقد حفزت الأفكار الجديدة إلى اضطراب مثير في عقول أهل المدينة، وكانت لا تزال هناك اثنتا عشرة طائفة تنشر كتبها وعقائدها في الخفاء. وتألمت ماري عندما سمعت عن جماعات تنكر ألوهية المسيح ووجود الروح القدس وانتقال الخطيئة الأولى. وخيل إليها أن الهرطقات تعد جرائم مهلكة بالنسبة لإيمانها الساذج وأنها أسوأ بكثير من خيانة الدولة. هل في وسع الهراطقة أن يعرفوا كيف يعاملون الروح البشرية خيراً مما يعرفه كاردينالها المحبوب؟ وترامى إلى أسماعها أن واعظاً تضرع بصوت عال أمام جمهور أبرشيته أن يهديها الله أو يرفعها من الأرض (٤٥). وألقي يوماً كلب ميت، حلق شعر رأسه جرياً على عادة الرهبان، وحول عنقه حبل، من نافذة في غرفة الملكة (٤٦). وفي كنت جدع أنف قسيس (٤٧). ورأت ماري أنه من غير المعقول أن يقوم المهاجرون البروتستانت الذين سمحت لهم بالرحيل عن إنجلترا في سلام، بإرسال كتيبات يهاجمونها فيها ويصفونها بأنها حمقاء رجعية ويتحدثون عن "صلاة لاتينية مكروهة عند إقامة قداس وثني (٤٨) ". وحثت بعض الكتيبات قوادها على أن يهبوا في ثورة ويخلعوا الملكة (٤٩). وعقد اجتماع من ١٧. ٠٠٠ شخص في اولدجيت (١٤ مارس سنة ١٥٥٤) ونادى بوضع اليزابث على العرش (٥٠). وكانت حوادث التمرد في إنجلترا من تدبير البروتستانت الإنجليز في الخارج.
وكانت ماري تنزع بفطرتها وعادتها إلى الرحمة - حتى عام ١٥٥٥. فماذا حولها إلى ملكة تحظى بأكبر قدر من الكراهية بين الملكات