قتلى من الجانبين (١٥٢١)، وانقسم جيش الثوار، عندما بلغت الأزمة ذروتها، إلى فرقتين متنافستين بقيادة باديلا ودون بدرو جيرون، وانقسمت الجماعة السياسية إلى أحزاب، يناصب بعضها بعضاً العداء، وواصلت كل مقاطعة ثورتها، دون تآزر مع باقي المقاطعات.
وانطلق جيرون، وانضم إلى الملكيين الذين استولوا من جديد على تورديسلاس وجوانا. أما جيش باديلا الذي تضاءل عدد جنوده فقد هزم هزيمة منكرة في فيلالار، وأعدم باديلا. وعندما عاد شارل إلى إسبانيا (يوليو سنة ١٥٢٢) ومعه ٤. ٠٠٠ جندي ألماني، كان النبلاء قد فازوا بالنصر، وقد أضعف النبلاء والعامة بعضهم بعضاً إلى حد أنه استطاع أن يتغلب على البلديات والطوائف الحرفية، ويروض المجالس التشريعية، ويوطد أركان ملكية تكاد تكون مطلقة. وقد قمعت الحركة الديمقراطية تماماً بحيث ظل كل العامة الأسبان خائفين خاضعين، حتى القرن التاسع عشر. وخفف شارل سلطته بالدماثة، وأحاط نفسه بالنبلاء، وتعلم الحديث بلغة إسبانية سليمة، وسرت إسبانيا عندما علق قائلاً إن الإيطالية هي اللغة اللائقة لكي تتحدث بها النساء، والألمانية هي لغة الأعداء، والفرنسية لغة الأصدقاء، والإسبانية لغة الرب (٣١).
ب- البروتستانت الإسبان
لم تكن هنا إلا قوة واحدة تستطيع أن تتحدى شارل - هي الكنيسة - وكان نصيراً للكاثوليكية، ولكنه مناهض للبابوية. وسعى، مثل فرديناند الكاثوليكي، إلى جعل الكنيسة الإسبانيّة مستقلة عن البابوات ونجح في هذا إلى حد أن التعيينات في مناصب الكنيسة ودخول الكنيسة إبان حكمه كانت في يديه، واستخدمت لرفع شأن السياسة الحكومية: ولم تكن هناك حاجة للإصلاح الديني في إسبانيا، كما هو الحال في فرنسا، لكي تتبع الكنيسة