للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المديريات المغرر بها (١٤٩٢). فما كان من أمراء لتوانيا الذين استشعروا القلق في ظل اتحاد الرومان الكاثوليك البولندي إلا أن فتحوا أبوابهم أمام جيوش إيفان. وتوقف الاسكندر أمير لتوانيا العظيم في فدروشا Vedrosha وهزم (١٥٠٠). ورتب البابا الاسكندر السادس هدنة لمدة ست سنوات. وفي نفس الوقت احتفظت موسكو بالأقاليم التي كسبتها - إلى الغرب من نهر سوز Sozch بما في ذلك شر نيجوف Chernigov حتى سمولنسك تقريباً وكان إيفان الثالث قد بلغ آنذاك الثالثة والستين فترك تخليص البقية لحفدته.

إن حكم إيفان الذي دام ثلاثا وأربعين سنة يعدل في أهميته أى حكم آخر في تاريخ روسيا قبل القرن العشرين. وسواء كان مدفوعاً بشهوة المال وحسب السيطرة أو بإيمانه الراسخ بأن أمن الروس وازهارهم يتطلبان توحيد روسيا، فإن إيفان الثالث حقق لبلده ما كان يؤيده لويس الحادى عشر لفرنسا، وهنري السابع لانجلترا، وفرديناند وايزابلا، لأسبانيا، والاسكندر السادس للولايات البابوية، ولقد كشف تزامن هذه الأحداث عن تقدم القومية والملكية، الأمر الذي قضى على سلطان البابوية الأسمى فوق الأمم والقوميات. وفقد أبناء الطبقة العليا استقلالهم، وأرسلت الامارات الجزية إلى موسكو، واتخذ إيفان لقب "ملك روسيا بأسرها". ويحتمل أن زوجته الاغريقية أوصته بأن يتخذ كذلك لقب "قيصر"، وهو لقب روماني إغريقي. ولقد اتخذ النسر الامبراطوري المزدوج شعاراً قومياً، وادعى وراثة السلطة السياسية والدينية لبيزنطة الغابرة، واقتبست من بيزنطة نظريات الحكومة وأعيادها ومراسمها، وكذلك فعلت الكنيسة، بوصفها من أدوات الدولة، بعد أن دخلت إلى روسيا المسيحية البيزنطية والأبجدية البيزنطية الاغريقية وأشكال الفن البيزنطي، وبقدر ما كانت بيزنطة شرقية لقربها من آسيا، فإن روسيا التي كانت قد اصطبغت بالصبغة الشرقية بسب حكم التتار لها، أصبحت من وجوه كثيرة مملكة شرقية مغايرة للغرب غريبة عنه غامضة لديه.