على إعادة فتح باب التجارة مع الغرب، قد شاركوا في المؤامرة، فقد أحرق جنود القيصر كل حوانيت المدينة، ودمرت بيوت التجار في الضواحي، وحتى البيوت في المزارع المجاورة للمدينة لحقها التدمير. وما لم يكن رواة الأحداث في الأديار قد بالغوا في وصف المذبحة، فإنه يجدر بنا أن نعود بالذاكرة إلى عقاب شارل الجرىء لثوار لييج ١٤٦٨، وأعمال السلب والنهب في روما على يد جنود شارل الخامس ١٥٢٧ لنجد أمثلة شبيهة بانتقام إيفان الوحشي. ولم تستعد نفجرد قط تفوقها القديم في الحياة التجارية في روسيا. واتجه إيفان بعد ذلك إلى بسكوف حيث حظر على جنوده السلب والنهب، ثم عاد أدراجه إلى موسكو حيث احتفل في حفلة تنكرية ملكية بإفلاته من مؤامرة خطيرة.
إن حكماً مثل هذا ممتلئاً بالفتن والشغب لا يكاد يساعد على التقدم الاقتصادي أو إنجاز الأعمال الثقافية. لقد انتعشت التجارة وقت السلم وانتكست زمن الحرب. وفي الأراضي المخصصة لطبقة الأوبرشنيكي، وفي سائر الأراضي فيما بعد، كان الفلاح مرتبطاً قانوناً بالأرض، على أساس أنه وسيلة للنهوض بالزراعة المستمرة فيها (١٥٨١) على أن نظام الرق الذي كان نادراً في روسيا قبل ١٥٠٠، صار في ١٦٠٠ قانوناً من قوانين الأرض. وكانت الضرائب باهظة فاحشة، واندفع التضخم المالي بشدة، فكان الروبل في ١٥٠٠ يساوي ٩٤، وفي ١٦٠٠ يساوي ٢٤ من الروبلات في ١٩١٠ (١٤). وليس بنا من حاجة إلى تتبع الهبوط إلى أبعد من ذلك، إلا لنعلم، كدرس من دروس التاريخ، أن النقود هي آخر شىء يجدر بالانسان أن يدخره.
وأرغم إسراف الأسر القصير النظر في الإنجاب وإرهاق التربة، الناس على هجرة متواصلة لا تهدأ إلى أراض بكر. فلما اجتاز المهاجرون جبال الأورال وجدوا أمامهم مملكة للتتار سكانها من قبائل البشكير المسلمة