يطلقوا على أنفسهم اسم الأتراك قبل القرن التاسع عشر، بل أطلقوه على الشعوب شبه الهمجية في تركستان وخراسان. وفي ١٢٩٠ رأى عثمان أن السلجوقيين أضعف من أن يقفوا في طريقه، فأعلن نفسه أميراً مستقلاً على ولاية صغيرة في الشمال الغربي من آسيا الصغرى، وفي ١٢٩٩ تقدم بقواته غرباً إلى بني شير. ولم يكن عثمان قائداً عظيماً، ولكنه كان مثابراً صبوراً، وكان جيشه صغيراً، ولكنه مكون من رجال ألفوا في ديارهم ركوب الخيل أكثر مما ألفوا السير على الأقدام، رجال أرادوا أن يغامروا بحياتهم الشاقة من اجل الأرض أو الذهب أو النساء أو السلطان، وكانت تقع بينهم وبين بحر مرمرة مدن بيزنطية ناعسة سيئة الحكم هزيلة الدفاع. فحاصر عثمان واحدة منها وهي بروسه، وأخفق أول الأمر في الاستيلاء عليها، ولكنه عاود الكرة بعد الكرة، حتى استسلمت المدينة أخيراً لابنه أورخان، في الوقت الذي كان يرقد فيه عثمان على فراش الموت في بني شير (١٣٢٦).
واتخذ أورخان من بروسه، التي تقدست برفات أبيه، عاصمة جديدة للعثمانيين. وساقته الرغبة في المزيد من السلطان إلى البحر المتوسط، المركز العتيق للتجارة والثروة والمدنية. وفي نفس العام سقطت فيه بروسه، انتزع نيقوميديا التي صارت فيما بعد أزميد، وفي ١٣٣٠ استولى على نيقية التي أصبحت أزنيق، وفي ١٣٣٦ استولى على برجاموم التي أصبحت برجامه. وكانت تلك المدن العريقة في القدم والتي تفوح منها رائحة التاريخ، مراكز للحرف والتجارة، وقد اعتمدت في المواد الغذائية والأسواق اللازمة لها على الجماعات الزراعية المحيطة بها والتي كان العثمانيون قد استولوا عليها في ذاك الحين، وكان على هذه المدن أن تعيش على هذه البقاع الداخلية أو أن تموت جوعاً. فلم تقاوم طويلاً، لأنها كانت قد عانت من ظلم حكامها البيزنطيين، كما سمعت بأن أورخان لم يثقل الكواهل بالضرائب، وأنه رخص في حرية العقيدة - وكان كثير من هؤلاء المسيحيين في الشرق الأدنى هراطقة مرهقين: