ووجد سليمان أنه متعدد القدرات إلى حد أنه وكل إليه الأكثر فالأكثر من الصلاحيات والمهام، وأجرى عليه راتباً سنوياً قدره ٦٠ ألف دوكات (١. ٥٠٠. ٠٠٠ دولار؟) وزوجه من أخت له، وآكله بانتظام، واستمتع بحديثه ومعزوفاته الموسيقية وبمعرفته باللغات، والآداب، وحسن اطلاعه على أمور الدنيا. وعلى الطريقة الشرقية الأنيقة أعلن السلطان سليمان أن "كل ما يقوله إبراهيم ينبغي أن يعتبر كأنه صادر من ذات فيه الذي ينثر اللآلئ (٣٣). تلك كانت واحدة من أعظم صداقات التاريخ، حتى في أساطير اليونان القديمة.
وثمة حكمة واحدة كانت تعوز إبراهيم- تلك هي أن يخفي زهوه الداخلي بتواضع خارجي أو ظاهري. لقد كان لديه كثير من السباب التي تجعله يزهو بنفسه، فهو الذي سما بالحكومة إلى أعلى درجات المقدرة والكفاية، وبفضل دبلوماسيته هو استطاع أن يشيع الفرقة والانقسام بين دول الغرب بتدبير التحالف مع فرنسا، وهو الذي أعاد الهدوء إلى آسيا الصغرى وسوريا ومصر، حين سار سليمان بجيشه إلى المجر، بإصلاح المساوئ ومعاملة الجميع بالعدل والكياسة. وكذلك كان له العذر في أن يكون حذراً متوجساً، فإنه لم يزل عبداً، وكلما ارتفع رأسه، ازداد رقة ودقة ذلك الخيط المعلق منه سيف السلطان المسلط على رقبته. وقد أغضب الجيش حين حرم عليه سلب تبريز وبغداد، وحاول منعه من سلب بودا. واستطاع في هذا السلب أن ينقذ جزءاً من مكتبة ماتياس كورفينوس، وثلاثة تماثيل من البرونز لهرمز وأبوللو وأرتميز، ووضعها أمام قصره في القسطنطينية، وحتى سيده المتحرر اضطرب لهذه الإساءة الموجهة إلى الوصية السامية بتحريم النحت، واتهمته ثرثرة الناس بامتهان القرآن. وأقام في بعض الأحيان حفلات تفوق في نفقتها وبهائها حفلات السلطان، واتهمه أعضاء الديوان بأنه يتحدث وكأنه يقود السلطان كأسد أليف