والحرير من أسبانيا، والتوابل واللؤلؤ من الهند (٥٧). ولفترة طويلة كانوا يقطنون، بمحض اختياراهم الحي الذي سمي باسمهم (حي اليهود). وفي ١٥١٦ وبعد تشاور مع زعماء اليهود، قضى السناتو بأن يقطن كل اليهود، فيما عدا نفر قليل مرخص لهم بصفة خاصة، في قطاع من المدينة عرف باسم Ghetto أي حي خاص، والظاهر أن هذا اللفظ مأخوذ عن كلمة getto، أو مسبك كان هناك (٥٨). وأمر السناتو كل اليهود المرتدين بمغادرة البندقية، وقد شجع المسيحيون المنافسون هذا الإجراء. على أن بعض التجار المسيحيين عارضوه لأنه يهدد بفقدان أسواق معينة، وخاصة في العالم الإسلامي، ولكن شارل الخامس استخدم كل نفوذه في الموضوع، ونفذ مرسوم الطرد (٥٩). على أنه لم يمض وقت طويل حتى زحف التجار اليهود إلى البندقية ثانية، وحل المنفيون من البرتغال محل اليهود المتنصرين الذين طردوا، وأصبحت اللغة البرتغالية لبعض الوقت هي لغة اليهود البنادقة.
واستقبل البابا الإسكندر استقبالاً كريماً في رومه كثيراً من المنفيين من شبه جزيرة إيبيريا، وازدهرت أحوالهم في عهد جوليوس الثاني، وليو العاشر، وكليمنت السابع، وبول الثالث. وأباح كليمنت للمرتدين ممارسة الطقوس اليهودية في حرية تامة، مؤمناً بأنهم غير ملزمين بأي تعميد إجباري (٦٠). وفي أنكونا، ثغر الولايات البابوية على الأدرياتيك، حيث كان اليهود عنصراً نشيطاً في التجارة الدولية، أنشأ كليمنت مأوى لليهود الذين أعلنوا عن ديانتهم وضمن لهم عدم التحرش بهم. أما بالنسبة للبابا بول الثالث فيقول الكاردينال سادوليتو:"لم يغدق أي من البابوات على المسيحيين من التكريم والحفاوة والامتيازات والمنح مثل ما أغدق بول الثالث على اليهود. إنهم لم يحظوا بالمساعدة فقط بل إنهم تزودوا كذلك عملياً بالمنافع والامتيازات (٦١) ". وشكا