كتاب قصة الحضارة

اليهود - ٣ - الشتات الثاني - ج: 26 - ص: 159

مع كثير من اليهود، أما الذين قصدوا إلى فاس فقد وجدوا الأبواب موصدة دونهم، فاحتلوا بعض الحقول وعاشوا على الأعشاب وجذور الشجر، وقتل الأمهات أطفالهن خيراً من أن يرينهم يموتون جوعاً. وباع الآباء أبناءهم في مقابل قطعة من الخبز. وأنى الطاعون على مئات من الأطفال والشبان. وهاجم القراصنة وسرقوا الأطفال ليبيعوهم بيع الرقيق (٦٨). ومزق القتلة أجسام اليهود عساهم يعثرون على مجوهرات اعتقدوا أن اليهود قد ابتلعوها (٦٩). وبعد كل هذه المصائب والكوارث، أنشأ الذين عمروا بعدها، في شجاعة لا تصدق، في ظل ألوان من الضعف والعجز لا نهاية لها، جاليات يهودية جديدة في المغرب العربي. وفي الجزائر، خاطر سيمون ديوران الثاني بحياته المرة بعد المرة، لحماية المنفيين، وتنظيمهم بشكل يوفر شيئاً من الأمن. وفي فاس أصبح يعقوب بيراب أشهر علماء التلمود في زمانه.

ولقي المنفيون من أسبانيا، استقبالاً إنسانياً في القاهرة تحت حكم سلاطين المماليك والعثمانيين، وسرعان ما سموا إلى زعامة الجالية اليهودية. وألغى سليم الأول وظيفة Nagid " الأمير" وفيها كان يتولى أحد الأحبار تعيين سائر الأحبار، ويشرف على شئون كل اليهود في مصر، وبعد ذلك أصبح لكل جالية يهودية أن تختار حبراً لها وان تتولى شئونها الداخلية بنفسها، وأنهى حبر القاهرة الجديد وهو داود بن أبي زمرة وهو مهاجر أسباني - استخدام التقويم البابلي القائم على تقسيم الزمن إلى فترات - الذي كان يهود أسيا وأفريقية يستعملونه - وحثهم على اقتباس تقويم آخر (كما فعل يهود أوربا في القرن الحادي عشر) وهو تقويم قائم على حساب السنين منذ بدء الخليقة الذي حدد مؤقتاً بعام ٣٧٦١ قبل الميلاد.

وحيثما ذهب يهود أيبيريا ( Sephardic) حظوا بالزعامة الثقافية، والسياسية