الثامنة مساء وتنتهي في الثالثة صباحاً. ولا تفرض هذه النوبة الثالثة على العمال إلا إذا دعت الضرورة إليها. وفي هذه الحالة .. كانوا يسهرون على ضوء المصابيح الليلية، وحتى لا يغلبهم النعاس في هذه الساعات المتأخرة، أو لشدة التعب، كانوا يخففون من وطأة هذا العمل الطويل الشاق بالغناء الذي كانوا مدربين عليه، أو لم يكن غير سار لهم كلية. ولم يكن يباح في بعض المناجم لأي من العمال العمل نوبتين متعاقبتين، لأنه كان كثيراً ما يغلب عليه النعاس في المنجم من شدة الإجهاد من كثرة العمل إلى حد مفرط. وكان يباح ذلك في أماكن أخرى لأن العامل لا يستطيع العيش على أجر نوبة واحدة، وخاصة إذا ارتفع ثمن الحاجيات.
ولا يشتغل العمال أيام السبت، لأنهم يبتاعون فيها كل ما يلزمهم من ضرورات الحياة، كذلك لا يعملون أيام الآحاد والأعياد السنوية. ولكنهم في هذه المناسبات يخصصون ساعات النوبة للأغراض الدينية. ومهما يكن من أمر فإن العمال لا يستريحون … إذا اقتضت الظروف أن يعملوا، فقد يجبرهم عليه أحياناً اندفاع الماء أو انهيار وشيك الوقوع. وفي مثل هذه الحالات لا يعتبر العمل في أيام العطلة أمراً لا يتفق مع الدين. وفوق ذلك، فإن العمال من هذه الفئة أقوياء أشداء ألفوا هذا الكدح والمشقة منذ ولادتهم (٢).
وفي ١٥٢٧ عين جورج أجريكولا طبيباً لمدينة جوتشمستال Goochimsthal. وفي مدينة التعدين انصرف جورج بين الحين والحين إلى التعدين، وهناك، وفي أماكن أخرى تحمس جورج وافتتن بدراسة تاريخ التعدين وعملياته وعلم المعادن، وعكف على البحث عشرين عاماً، أكمل بعدها (١٥٥٠)"رسالته عن المعادن" وهي رسالة ممتازة في موضوعها بالنسبة لعصرها، لها من القيمة