"كل ذلك مقابل أجر زهيد" ولكنه رمى أصحاب الخانات الألمان بالفظاظة وغلظة الطباع والبطء والقذارة:
إذا فرغت من تدبير أمر جوادك تدخل إلى غرفة المدفأة، بالحذاء العالي الساقين، والأمتعة والأوحال وغيرها، لأن هذه حجرة عامة لجميع القادمين. وفي غرفة المدفأة تخلع حذاءك، وتلبس نعليك وتبدل قميصك إذا شئت. وهناك ترى رجلاً يمشط رأسه وآخر … يتجشأ الثوم … وإنك لتسمع من فوضى اللغات واللهجات كما لو كنت في مبنى برج بابل … وفي رأيي أنه ليس ثمة شيء أخطر من التنفس في مثل هذا الجو الخانق، وخاصة إذا كانت أجسام الناس مفتحة بفعل الحرارة … وثمة شيء لا أرى ذكره .... ثم النساء والأنفاس الكريهة المنتنة .... ولا ريب أن كثيرين مصابون بالجدري أو الزهري الأسباني، أو كما يسيمونه الفرنسي. ولو أنها أمراض منتشرة في كل بلد (٦).
إذا جرت الأمور على هذا النحو، حقاً، في بعض الخانات، فيمكن أن نغتفر خطأ أو اثنين للتجار المتجولين الذين يحطون رحالهم في هذه الخانات ويحتملون متاعبها في عملية ربط القرية بالقرية، والأمة بالأمة، في نسيج اقتصادي دائم الاتساع والانتشار. فقد فتح في كل عقد من السنين طريق جديد، براً كما فعل تشانسلر في روسيا، وبحراً كما تم في آلاف الرحلات البحرية المغامرة. وقد اتجر (شيلوك شكسبير) أي اليهود مع إنجلترا ولشبونة وطرابلس ومصر والهند والمكسيك (٧). وكان لجنوى مستعمرات تجارية في البحر الأسود وأرمينية وسورية وفلسطين وأسبانيا. فلقد عقدت الصلح مع الباب العالي، وباعت الأسلحة إلى تركيا التي كانت في حرب ضد العالم المسيحي. والتقطت فرنسا هذه الفكرة، وعقدت اتفاقات خاصة بها مع