للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والفتح، نقول إذا صنفنا هذه كلها في عداد الجرائم، لوجدنا أن واحداً من بين كل اثنين في أوربا لص، وقد نضفي على بعضهم الحصانة الأكليريكية، وقد نسلم بوجود حرفي أمين هنا أو هناك. فإذا أضفنا إلى ذلك شيئاً من إحراق المباني عمداً، وبعضاً من حوادث اغتصاب الفتيات، وقليلاً من الخيانة، لبدأنا ندرك المشاكل التي تواجهها قوات النظام وحماة القانون.

وقد نظمت قوات النظام والقانون هذه، لتوقيع العقاب، أكثر منها لمنع الجرائم، وكان رجال الشرطة في بعض المدن الكبرى، مثل باريس، هم حفظه الأمن، وكان لكل قسم في المدينة مراقبوه وحراسه، ولكل أبرشية شرطتها. ولكن ضبط الأمن والنظام كان في المدن سيئاً إجمالاً. وأجهد رجال الحكم أنفسهم في مكافحة الطبيعة البشرية، وأخيراً قدروا أنه من الأفضل والأقل تكلفة، الحد من الجرائم بفرض عقوبات بالغة الشدة وتنفيذها علناً أمام أعين الناس … وكان هناك عشرات من الجرائم الرئيسية: القتل، الخيانة، الهرطقة، تدنيس المقدسات والمعابد، السحر، السلب، التزوير، التزييف، التهريب، الإحراق عمداً، الحنث بالقسم، الزنى، اغتصاب الفتيات (إذا لم يسو بالزواج)، اللوط، "الانغماس في الشهوات البهيمية"، غش الموازين والمقاييس، إفساد الطعام، تخريب الممتلكات ليلاً، الهروب من السجن، الإخفاق في محاولة الانتحار، وقد تكون العقوبة ضرب العنق بدون ألم أو تعذيب نسبياً، وهذا امتياز اختص به عادة السيدات وأفاضل الرجال، أما من هم أقل مكانة فكانوا يشنقون. أما الهراطقة وقتلة الأزواج فكانوا يحرقون. أما السفاحون البارزون فكانوا يشدون أطراف الواحد منهم (يديه ورجليه) إلى أربعة خيول يجري كل منها في اتجاه مضاد حتى يتمزق جسم المجرم. واصدر هنري الثامن في ١٥٣١ قانوناً يعاقب من يدس السم، بالغلي حياً (١٤)، كما نفعل نحن الأكثر وداعة ورقة بالمحار أو السمك.