للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وألهه، وبعده خادمه. وكانت الزوجة تقوم بواجبات الأمومة خير قيام أدون صعوبة أو تردد، وتبتهج وتفاخر بكثرة الأولاد، وتحتال على أن تسوس رب البيت. وكان النساء قويات معتادات على العمل الشاق من طلوع الشمس إلى مغربها، ويقمن بحياكة معظم الملابس اللازمة لأسراتهن. وكن في بعض الأحيان يعملن مع المقاولين الرأسماليين. وكان النول جزءاً أساسياً من البيت. وفي إنجلترا كان معظم النساء غير المتزوجات غزالات، أما سيدات البلاط الفرنسي فكن شيئاً آخر، ولقد شجعهن فرانسوا الأول على تجميل أجسامهن وملابسهن. واستطعن في بعض الأحيان تحويل السياسة الوطنية بفعل "القذائف الموجهة" التي تطلقها مفاتنهن. وورد من إيطاليا على فرنسا، حركة نسائية، ولكنها لم تلبث أن خمدت، لأن النساء أدركن أن قوتهن وشهرتهن شيء مستقل عن السياسة والقانون. وكان كثير من نساء الطبقة العليا على درجة عالية من الثقافة. وفي باريس، وفي غيرها، بدأ الصالون الفرنسي آنذاك يتشكل، حيث جعلت السيدات المثقفات ذوات اليسار من بيوتهن ملتقى رجال الدولة والشعراء والفنانين والعلماء والأساقفة والفلاسفة، وثمة مجموعة أخرى من السيدات الفرنسيات بقين متمسكات بأهداب الفضيلة، في هدوء، وسط العاصفة الهوجاء- عاصفة الجنس- مثل آن أوف فرانس، وآن أوف برتياني، وكلود، ورينيه. وبصفة عامة، فإن الإصلاح الديني الذي نبت في تربة تيوتونية (ألمانيا وشمال أوربا) عمل على تدعيم فكرة المجتمع الأبوي وسلطان الأب على المرأة والأسرة. كما وضع الإصلاح حداً لتمجيد المرأة في عصر النهضة، بوصفها نموذجاً للجمال وعاملة على تمدين الرجل، كما أدان الكنيسة بالتساهل في الانحرافات الجنسية، ومهد الطريق بعد موت لوثر لجفاء المتطهرين (الحركة البيوريتانية).

وتدهورت الأخلاق الاجتماعية بنشوء الروح التجارية وشدة الاهتمام بالربح، والإحجام المؤقت عن أعمال البر والإحسان والصدقات. ووجد