الصدقات في رصيد واحد ووكل توزيعها إلى رياسة واحدة. وطلب شارل الخامس (١٥٣١) نسخة من خطة ايبر. وأرسل هنري الثامن توجيهاً مماثلاً إلى أبرشبات إنجلترا (١٥٣٦). واحتفظت الكنيسة في البلاد الكاثوليكية بإرادة أموال الصدقات.
وبقي الخلق السياسي مطبوعاً بالمكيافيلية. واعتبر نظام الجاسوسية أمراً مسلماً به. وكان من المتوقع أن يبلغ جواسيس هنري الثامن في روما عن أخطر محادثات الفاتيكان وأكثرها سرية (٥٩). وكانت الرشوة عملية تقليدية، وتدفقت في سخاء أكثر بعد تدفق الذهب من أمريكا. وتسابقت الحكومات على نقض المعاهدات. ونافست الأساطيل المسيحية والتركية بعضها بعضاً في أعمال القرصنة. وبعد تدهور نظام الفروسية انحطت أخلاقيات الحرب إلى ما يشبه الهمجية ونهبت أو أحرقت المدن التي كانت قد أخفقت في مقاومة الحصار، وذبح الجنود المستسلمون أو استبعدوا حتى تدفع عنهم الفدية. أما القوانين والمجاملات الدولية التي كانت سائدة في حالة خضوع الملوك أحياناً لتحكيم البابوات، فقد اختفت في فوضى التوسع القومي والعداء الديني. واعترف المسيحيون ببعض الضوابط الخلقية تجاه غير المسيحيين، وبادلهم الأتراك نفس المعاملة. واسر البرتغاليون زنوج أفريقية واستعبدوهم. ونهب الغزاة الأسبان المواطنين الأمريكيين واستعبدوهم وقتلوهم، دون أن يخفوا عزمهم الأكيد على تحويل الدنيا الجديدة إلى المسيحية، وكانت حياة الهنود الحمر في أمريكا في ظل الحكم الأسباني مريرة تعيسة إلى حد انتحار الآلاف منهم (٦٠)، بل حتى في العالم المسيحي نفسه في ذاك العصر كثرت حوادث الانتحار إلى درجة مروعة (٦١). واغتفر بعض دعاة الحركة الإسبانية إهلاك النفس. ولكن الكنيسة حكمت بأنه يؤدي إلى الجحيم مباشرة، ومن ثم يكون المنتحر كالمستجير من الرمضاء بالنار.
إن كل ما في الإصلاح الديني، ولو أنه في نهاية الأمر أصلح من