محتفظة سلطانها منذ زمن سحيق. وارتدى الرجال في فرنسا قمصاناً من الحرير مع صادرات من القطيفة، وحشوا أكتافهم، وكسوا أرجلهم بسراويل قصيرة ضيقة، وحافظوا على رجولتهم بحقيبة منضدة بالأشرطة أو الجواهر أحيانا. وعلى النقيض من عادات القرن الخامس عشر قصروا شعر الرأس وأرخوا لحاهم. أما النساء فقد احتفظن بشعرهن في تصفيفات متنوعة لا تشجع على وصفها. فكان مضفراً معقوصاً ملفوفاً في شباك، مليئاً بالضفائر العارية، مزداناً بالأزهار، براقاً بالجواهر، متضمخا بالزيوت العطرية، مصبوغاً ليتمشى مع الأناقة وأسلوب العصر، ومرفوعاً على شكل أبراج أو أهرام فوق الرأس. وكان من غير الممكن أن تستغني السيدة الأنيقة عن الحلاق في هذا الزمان، فإن تقدم العمر بدا آنذاك قدراً محتوماً أسوأ من الموت.
وإلى أي حد كانت الأجسام نظيفة تحت هذه اللفائف والزخارف؟ لقد تحدث كتاب من القرن السادس عشر عنوانه "مقدمة للسيدات الشابات" عن "نساء لم يعنين قط بنظافة أجسامهن، اللهم إلا الأجزاء التي يمكن أن تقع عليها العين … أما ما تحت قمصانهن الكتانية فقد بقي قذراً (٧٦). وثمة مثل ساخر يقول بأن العاهرات هن الوحيدات اللائى غسلن أكثر من وجوههن وأيديهن (٧٧). وربما ازدادت النظافة بازدياد الفسق والفجور. فقد كشفت النساء من أجسامهن عن أجزاء أكثر من ذي قبل، وجعلنها نهباً لأنظار الكثير من الناس. ومن ثم اتسع نطاق النظافة. وأصبحت آنذاك كثرة الاستحمام، مع تفضيل الماء المعطر، وخاصة في فرنسا، جزءاً من العادات الطيبة. وقل عدد الحمامات العامة يتضاعف عدد الحمامات الخاصة، ولم تكن هذه عادة مزودة بالمياه الجارية، بل اعتمد فيها على السلطانية (الكوز) والحوض. وظلت شائعة مستحبة في القرن