هو كريستوبال مورال بفن تعدد الأصوات إلى درجة عالية، ونقل فنه إلى تلميذه الأكثر شهرة توماس لويس دي فكتوريا. وسار كل في اتجاه مضاد، فأنتج التراث العربي الألحان الصالحة للعود، ولحن لويس دي ميلان ومجول دي فونللانا Miguel de Fuenllana للكمان، وعزف عليها أغنيات زاحمت الأغاني الألمانية في مداها وقوتها.
واستمر الموسيقيون الفلمنكيون يقتحمون إيطاليا حتى ظهر بالسترينا. واستقدم لورنزو دي مديتشي إلى فلورنسه هنريخ إيزاك بعد أن استوعب فن الطباق الموسيقي في الفلاندرز، ليعلم أبناء العظماء، ومكث هناك أربع سنوات، وألف موسيقى لأغاني لورنزو. ولما اقض مضجعه الغزو الفرنسي لإيطاليا، انتقل إلى خدمة مكسيمليان الأول في أنسبروك، حيث ساهم في تشكيل الأغنية الألمانية، وعاد إلى إيطاليا في عام ١٥٠٢، وخصص له الإمبراطور ليو العاشر تلميذه السابق معاشاً، ووضعت قداساته وقصائده الدينية وأغانيه في مرتبة أعظم موسيقى العصر، وعلى الأخص ثمان وخمسين مقطوعة ذات أربعة أجزاء، لاحتفالات القداس طوال السنة الدينية.
وسما أورلاندو دي لاسو بالمدرسة الفلمنكية إلى الذروة، وضرب بتوفيقه في مهنته وحياته أروع الأمثال، لاتساع مجال الموسيقيين في عصر النهضة وارتفاع مستواهم الاجتماعي. وعندما كان تلميذاً في فرقة المنشدين في موطنه هينوت سحر سامعيه، إلى حد أن خطفه مرتين أولئك الذين تمنوا أن يستفيدوا من صوته، وأخيراً، وهو في سن الخامسة عشرة (١٥٤٥؟)، سمح أبواه لفرديناند جونزاجا أن يصحبه معه إلى إيطاليا. وفي سن الرابعة والعشرين أصبح رئيس فرقة المنشدين في كنيسة سانت جون لاتيران في روما. وفي ١٥٥٥ استقر به المقام في أنتورب، ونشر "أول كتاب في القصائد الغزلية الإيطالية"، وهي قصائد غنائية علمانية أضفى عليها كل