تبعوا كاترين مديتشي إلى فرنسا-كل هذا أسهم في تحويل تيار الدراسات الإنسانية الفرنسية وردها من الدراسات اليونانية إلى اللاتينية.
وقد أهدت حركة إحياء الدراسات اليونانية للثقافة عطاءً ممتازاً هو ترجمة أميو لكتاب بلوتارخ "التراجم". كان أميو أحد الرجال الكثيرين الذين حظوا برعاية مارجريت. وقد عين بنفوذها أستاذاً لكرسي اليونانية واللاتينية في بورج. وكوفئ على ترجماته لدافنيس خلوا وغيرها من قصص الحب اليونانية، على طريقة ذلك العصر العجيبة السخية، بمنحه رئاسة دير غني. وإذ كفل له الرزق على هذا النحو تنقل كثيراً بين أرجاء إيطاليا إرضاء لميوله الأثرية واللغوية. ولما نشر كتابه "التراجم"(١٥٥٩) قدم له بدعوة بليغة لدراسة التاريخ بوصفه "خزانة البشرية"، والمتحف الذي يحتفظ بمئات الأمثلة للفضيلة والرذيلة، وللحكم الصالح والطالح، ليسترشد بها بنو البشر؛ وكان كنابليون يرى كتاب بلوتارخ في التاريخ معلماً للفلسفة خيراً من الفلسفة ذاتها. ومع هذا فقد اضطلع بعد هذا بترجمة كتاب بلوتاريخ Moralia أيضاً، وقد رقي إلى أسقفية أوجزير، ومات هناك معمراً في الثمانين (١٥٣٩). أما لترجمته لكتاب بلوتارخ "التراجم" فلم تكن صحيحة دقيقة في كل جزء منها، ولكنها كانت أثراً أدبياً في ذاته، تميز بأسلوب طبيعي فردي لا يقل عن أسلوب الأصل. أما تأثيره فكان هائلاً. وقد استمتع به مونتيني أيما استمتاع، وانصرف عن فرنسا القديس بارتلميو إلى هذا الأثر القديم الذي أضفت عليه الترجمة روعة وسموا. واختار شكسبير ثلاث تمثيليات من ترجمة نورث القوية المنقولة عن ترجمة أميو، وأصبح المثال الذي رسمه بلوتارخ للبطل نموذجاً حاكاه عشرات الثوار وكتاب المسرحيات. وأعطى هذا الكتاب Vies des hommes illustres للأمة مجمعاً من الأبطال المشهورين خليقاً بأن يحرك ما تنطوي عليه الروح الفرنسية من الفضائل الأكثر رجولة وأشد قوة.